فوزية العلوي - الرجل الغريب.. شعر

جارنا الرومي
ذاك الذي مات وحيدا
لم أفهم سيرته إلا الآن
رغم السطور المحفورة
على جبينه الأسمر
لم أكن أفقه شيئا من الأغنيات
التي كم كان يشرب على نخبها
ويبكي
فإذا سألناه صغارا عن دموعه
قال إن ذلك من العجاح
لم أكن أعلم أنه من مالقة
وأنه فر إلى هنا
من جحيم الجنرال فرانكو
بعد أن أشعل بلدته بالأحلام
ورسم على جدران المدينة
دراقا قي لون الدم
وعصافير نازفة
أمي تقول لي أنه كافر لذا
لا يجوز السلام عليه
أبي يحييه بالإيماء ويقول
ربما هداه الله
أخي الذي في الجامعة
كان يناديه رفيقي
وانا كنت أسأله مامعنى اسمك يا عمي فيغو؟
فيغو في بلدته كان عدو ا للشيطان
وصديقا للعصافير
والسكارى الذين ينامون تحت الجسر
والأطفال الذين يبكون
في مركز الأيتام
لم أكن أعلم هذا عن فيغو
ولا كنت اعرف أين تقع مالقة
ولكنني كنت اختفي عن أمي
لازور فيغو انا وصديقتي الزهراء
فيقول لي بلثغته الاسبانية
أنني أشبه حفيدته
لكن جديتلتها شقراء
ويخاف من غضبي فيقول لي
انت جديلة الليل
وهي جديلة النهار
ويدس في جيبي حفنة الحلوى
التي بطعم الفراولة
فيغو يفرح بالخبر اذا آخذه إليه
بعد أن أتوسل امي التي كانت تخاف
وتقول ربما لا تجوز الصّدقة عليهم
وانا أقنعها بأنه مسكين
ويبكي على فراق حفيدته
لم أكن أعلم لم يشتغل هنا
في شركة الأشغال العامة ببلدتي النائية
ومن أولئك الشيوخ الذين يأتون لزيارته أحيانا
أذكر بازيليو الذي كان وجهه أحمر
وقبعته تشبه الفطيرة.
وخيو القصير بمعطفه الداكن
يدخّنون الغليون
ويستمعون إلى أغان عرفت بعدها
أنها من فلامنكو الغجر
واشجان التروبادور
في غرفة فيغو قيثارة
وصور لأناس لا يشبهوننا
لكن عيونهم ينبت فيها السوسن
وضحكاتهم يشع منها النور
لكن امي تصرّ انه كافر
وتضربني عندما تخبرها اختي
أن السكاكر من عند فيغو
وانا اقول لها انه يحب الله كثيرا
ويهب اللبن والسكر للرجل السقاء
الذي في حينا
ووهب قبل موته ساعته للمسجد المقابل
لا أدري أين أخذوا فيغو
لكني مدركة أن شجرة نبتت بمحاذاة قبره
في مكان ما .
فوزية العلوي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى