‎فوز حمزة‎ - رسالة إلى العصافير.. قصة قصيرة

أرجوكِ .. لا تُمزقي الرسالةَ قبلَ قراءتها .. لقدْ أخذتْ مني وقتاً طويلاً في التفكيرِ وأستنفدتْ مشاعراً عميقة لكي أكتبها لكِ بهذا الشكلِ .. والأهمُ جعلتني استحضرُ كلَ شجاعتي لأقفَ أمامكِ هذا الموقف ..
عادة ما يكونُ الإعتذارُ في النهاية .. لكننّي سَأبدأ بهِ لأننّي المسؤولةُ عما حَصلَ لكِ بعدَ ذلك ..
أعتذرُ منكِ لأننّي في يومٍ ما عرضتكِ للسُخرية حينَ تركتُكِ ترسمينَ السعادة على وجهكِ بينما أعماقكِ تقطرُ ألماً ..
كانَ عليّ وقتها ترككِ تُنفسّينَ عنْ ما بداخلكِ من حزنٍ دونَ الشعورِ بالذنبِ من إزعاجهِ ليفهمَ أنّ الحبَ عطاءٌ وأخذٌ و يتذكرَ دائماً كيفَ إنكِ كنتِ لهُ كتفاً حانياً حينَ أحتاجكِ وتتذكري رأسكِ الذي تهاوى حينَ حاولتِ رميهُ على كتفهِ ..
لا تستغربْي عندما أخبركِ أن خيبةَ الأملِ التي تعرضتي لها سببها غَبائي حينَ تركتكِ تقدميهِ على نفسكِ حتى نسيكِ ومع مرورِ الوقتِ ظنَّ إنّ ذلكَ حقُ من حقوقهِ لا يجبُ المساسَ به ..
الموجعُ في الأمرِ حين آمنتِ أنتِ بذلك ..
كانَ عليّ أفهامكِ أنّ الحبَ يشبهُ كفتي الميزان .. لتحقيقِ العدالة يجبُ أنّ تتساوى الكفتان ..
ترددتُ قليلاً قبلَ إخباركِ أنّ تسامحكِ معهُ حين كَذّبَ عليكِ أولَ كذبة فتحتْ البابَ لريحُ الشكِ تبعثرُ راحة بالكِ ..
لقد ظننتِ إنكِ بذلكَ تمنحيهِ فرصة أخرى ..
فاتكِ إدراكَ أنّ الكذبَ لدى البعض منهاجُ حياة وحبالٌ يمدونها للتخلصِ من أيّةِ مشكلة دونَ التفكير في شركائهم .. أما إنعدام الثقة فهو بذرة الكذبة التي سرعان ما تنمو بعد مدِ جذورها عميقاً في الأرض ..
كلما كانتْ الجذورُ عميقة أرتفعتْ الأغصانُ عالياً ..
أعترفُ أنني أخافُ مواجهتكِ .. لهذا تركتُ جدرانَ البيتِ دونَ مرايا .. خشيتُ أنْ تري آثارَ ضربه لكِ .. أردتُ لكِ نسيانَ إنكِ تعيشينَ مع إنسانٌ همجي .. لمْ تدركي ذلكَ إلا بعدَ أنْ بدأ بضربِ الأطفالِ بكلِ قسوةٍ فقط لينفسَ عنْ غضبه القادم من بيئتهِ المريضة وليكملَ بذلكَ رجولتهِ الناقصة ..
من أجلهِ سَمحتِ لأحلامكِ بالرحيلِ لتبحثَ لها عنْ ليلٍ آخر لأنّ نهاركِ المثقلِ بالتعبِ لا ينتهي إلا وأنتِ جُثة هامدة .. بهذا يضمنُ إنكِ لنْ تكوني إلا كعشبةِ الحديقة لا تقوى على الأرتفاع أكثر مما قُدِرَ لها ..
الأحلامُ قدْ تغفو .. لكنها أبداً لنْ تموت .. علقي نصيحتي هذه قربَ نافذتكِ ..
لا أستطيعُ تحميلكِ المسؤولية كاملة .. خبرتُكِ الناقصة في الحياة صورتْ لكِ أنّ اعتذارهُ كافياً لقلبِ الصفحةِ .. سأخبركِ بالسْرّ الذي تخشينَ سماعه .. لقد رضيتِ بكلِ مافعلهُ لإنك لا تجرأين على التفكير إنّ بمقدوركِ العيشَ بدونه ..
هل فاتَ الوقتُ لتجربةِ ذلك ؟؟
الأقدامُ هي مَنْ تصنعُ الخطواتَ وليسَ الطريق ..
هذا الصباح ..
سأبدأ بتعليقِ المرايا .. لنْ أخافَ مواجهتكِ بعدَ الآن .. ليسَ بعدَ أنْ تصالحتُ َمعكِ ٠٠
سأدققُ في تفاصيلِ الوجه الذي نسيتهُ وسطَ الزحام ..
أغلقي عليكِ كلَ بابٍ للحزنِ .. إسدلي الستائر على نوافذِ الإحباطِ .. أخرجي للشرفة .. فالشمسُ هناكَ تتناسلُ كل يوم .. تأكدي إنكِ وهذا الوجودُ واحد ..
سأقترحُ عليكِ قراءة رسالتي للعصافير .. طلبٌ غريب ..
مَنْ غير العصافير سَيفهمُ تلكَ السطور ؟؟

فوز حمزة




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى