د. سيد شعبان - قوس ألوان

الألوان الرمادية توحي بكثير من الملل، لم أستطع يوما أن أميز بين درجاتها، فيما مضى كان اللونين الأبيض والأسود هما ما أراه من عالمي المحيط، الآن ولجمال ذوقها صرت أتعرف على المزيد منها، هذا "تركوازي" وذاك "نيلي" ألوان "قوس قزح" السبعة تبدو رائعة فوق أشجار حديقتنا، وجب علي أن أرى الناس بتلك العين المنشورية، التى ترى الأوان متعددة، وهل الناس على هذه الصورة من التعدد؟
فقد ضقت كثيرا بتلك النظرة الثنائية للأشياء : أبيض أو أسود!
لا ضير فكل الاختيارات تتبدل بفعل تغير الأسباب، نظرت إلي في دهشة.
قالت لي: لم أجد في ثيابك ذلك اللون المفضل!
الحب ذلك الكائن الخفي الذي يتغلل بين حنايا القلب، يأسر صاحبه،إنه يذهب به حيث أودية لم يرتدها إلا أولئك المتلبسون بالأحلام، هيهات تجد غيري يعطى لتلك الكلمة ألقها، دهشت لحديثها، انتقلت من عالم الطيف إلى حنايا العاطفة!
أدركت أن لبعض كلماتها ذلك الوهج، لكن ما يحزنني أن اللحظات التى كنت أجد أثرها في دفق شرياني صارت اليوم أشبه بعادة تتكرر كلما عاودني السأم.
فاجأتني بذلك القرار الغريب: علينا أن نفترق!
دهشت لوقع تلك الكلمة على أذني، أمضيت معك عمري، لم أجد منك غير التجاهل، تصر دائما أن تكون في مقاعد الدرس، أنت تتجاهل أن الله خلقني أرى ألوانا أخر!
لقد يبست تلك الدماء في شراييني المتكلسة، هيهات تدرك الفارق في الزمن، المسافات بيننا تتباعد، أريدك ظلا أحتمي به من صيف ملتهب، وأستدفأ بك من برودة الشتاء!
اما انا فاللون الأبيض غزا شعر رأسي، لقد صرت أشبه بمحارب رفع راية قميئة، ليت الله قضى علي يوم الفاجعة، علني يومها وجدت لذكراي في قلبك موضعا!
تدثرت بالوجع، وأمسكت ببعض قصصات كنت أسر بها يوم أن كنت أنسج ثوبا للقمر، الألوان ساعتها كانت جد رائعة، كنت أرسم لك وجها يزدهي!
هكذا أخبرتها.
يا لقسوة النسيان، إنها تعيدني إلى عهد الوفاء، كنت أبدو مثل طائر يختال ،لم ألمس ذلك التغير إلا بعد أن تحرك قطار الزمن!
شعرت أن ثمة قرارا علي أن أتريث في اتخاذه، لا يعقل أن يهوى البيت هكذا!
أمسكت بطرف ثوبها مثل طفل يشعر بمرارة فقد دميته فلكم تعلقت بها،تعودت أن أجدها في حياتي، العادة تفقدنا بالتكرار بهاء ما نشعر!
سأغير منذ تلك الساعة من ألوان عالمي، سأضيف مما أدخلته من لمسة في رؤيتي، كم هو خير أن نبدأ من جديد!
علي أن أحدث في نفسي ما تريد، إنها لن ترضى مني أن أتماهى في عالمها، ليكن لدي ما أقدمه،الحب ذلك الترياق الذي لم أجربه منذ تعودنا أن نألف الألوان ذاتها.
ولأنها ذات حضور بهي، آثرت أن تترك الباب مواربا، لم تشأ أن تمسح جدران الحائط.
استعدت مفردات كنت أهملتها جراء الانزواء في عالم النسيان، اللغة ذاتها تشي بكثير من الدلالات، ألف وجه لظلال الكلمة، السرد يعمق من ثراء التجربة، حينما استعدت الخطوات المتعثرة ، وجدت أن الخطأ يمكن تداركه، علي أن أعطيها ما تبقى لدي من مشاعر مختزنة، لو انتظرت طويلا ستذبل مثل وردة لفحت وريقاتها حرارة الشمس، سأخبرها أن التجربة يمكن أن تعاد مرة ثانية شرط تغير المكان والزمان٠

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى