عندما عدتُ من الأسر ، بعد عشرين عاماً ، علمتُ أن أمي ألتحقت بأبي في وادي السلام ، وتزوج أخوتي الثلاثة الأصغر مني ، توزعوا على الغرف الثلاث في بيتنا في مدينة الحرية شمالي بغداد . كنت أتصور إنهم سيفرحون بعودتي ووجودي بينهم فرحاً كبيراً وإنني عدتُ كأخ كبير لهم بعد معاناة مميته أمضيتها هناك في سجون الأسر القاسية القريبة من الحدود الروسية .
ليس لدي غرفة خاصة في البيت ، وبإبتسامة تنم عن الرضا والقبول ، أخبرتهم يمكنني أفتراش غرفة المعيشة كغرفة منام حتى أجد مكانا للسكن بعيدا عنهم .
بعد أسبوع ، ذهبتُ الى دائرتي ، وجدت الوجوه غير الوجوه التي تركتها ، قال موظف الذاتية أن الدائرة أعتبرتني شهيداً ونقل ملفي الى دائرة التقاعد . وعلمت أن أخي الأصغر مني هو الذي يأخذ راتبي التقاعدي ويوزعه بالتساوي على أخوي الآخرين .
لم أستطع هضم أستيلاء أخواني على مرتبي التقاعدي طوال عشرين عاما ، كنت أتصور إنني سأجد أمامي ثروة كبيرة تمكنني من شراء بيت صغير ، والشروع بالبحث عن حبيبتي لكي أخطبها إذا بقيت تنتظرني لحد الان .
ذهبت الى دائرة التقاعد لأخبرهم إنني لست شهيداً ، مطالبا إياهم بعودتي الى الوظيفة ، فضحك الموظفون من عقلي وتصوروني مجنوناً مثل بقية الاسرى الذين لم يستوعبوا الحياة الجديدة فأنهارت قواهم العقلية .
طلبت من أخواني هوية التقاعد كي أستلم بها راتبي ، فضحكوا وزوجاتهم ضحكن أيضاً فيما نحن جالسون في غرفة المعيشة نتابع التفلزيون الذي كان يعرض نشاطات الرئيس وهو يفتح ثلاجات الفقراء .
بعد أن يئست من أخواني ، ذهبت في أحد الأيام الى دائرة حبيبتي ، ووقفت في المكان نفسه الذي كنتُ أنتظرها فيه ، حين كانت تخرج عند نهاية الدوام ، وعندما حانت ساعة خروج الموظفين ، تواريت عن الأنظار ، كي أجعلها مفاجاة لها ، وفعلا ما أن رأيتها حتى تتبعتها وهي تسير متانقة ، كأنها غزال تتراقص في مشيتها ، دخلتْ الى مرآب ، لحقت بها وهي تتجه الى سيارة تيويوتا ، ولما أردت أكمال حلقة المفاجأة عليها ، وقفتُ عند باب السيارة الأمامي بجانب السائق . نظرت هي بإستغراب أول الأمر ، ثم بعد ثوانٍ ، بدهشةٍ ، أبتسمتْ ، بعدها زعقت " نديم .. أنت نديم " ، فرحتُ أشد الفرح لأنها تذكرتني ، بقيتُ أنظر الى وجهها الجميل الذي أحبه ، وأتمعن بإبتسامتها العذبة التي كنت أحلم بها كثيرا في ليالي الغربة الموحشة بين جدران الأسر . بعد لحظاتٍ وقف رجلٌُ بجانبي ينظر ألي بإحتقار وازدراء وهو يهّمُ بفتح الباب ، فقالت له " هذا هو المجنون الذي يحبني سبق أن حدثتك عنه كثيرا " دفعني الرجل عن الباب وصعد بجانبها ، أنطلقت السيارة وهما يتضاحكان بأعلى صوتيهما .
عدتُ الى البيت خائباً ، طرقتُ الباب فلم يفُتح ، بقيتُ أكثر من أربع ساعات عند العتبة ولا أحد فتح الباب .. ولم يُفتح لحد الآن
( نشرت قبل سنتين وذكرتُ بها اليوم )
ليس لدي غرفة خاصة في البيت ، وبإبتسامة تنم عن الرضا والقبول ، أخبرتهم يمكنني أفتراش غرفة المعيشة كغرفة منام حتى أجد مكانا للسكن بعيدا عنهم .
بعد أسبوع ، ذهبتُ الى دائرتي ، وجدت الوجوه غير الوجوه التي تركتها ، قال موظف الذاتية أن الدائرة أعتبرتني شهيداً ونقل ملفي الى دائرة التقاعد . وعلمت أن أخي الأصغر مني هو الذي يأخذ راتبي التقاعدي ويوزعه بالتساوي على أخوي الآخرين .
لم أستطع هضم أستيلاء أخواني على مرتبي التقاعدي طوال عشرين عاما ، كنت أتصور إنني سأجد أمامي ثروة كبيرة تمكنني من شراء بيت صغير ، والشروع بالبحث عن حبيبتي لكي أخطبها إذا بقيت تنتظرني لحد الان .
ذهبت الى دائرة التقاعد لأخبرهم إنني لست شهيداً ، مطالبا إياهم بعودتي الى الوظيفة ، فضحك الموظفون من عقلي وتصوروني مجنوناً مثل بقية الاسرى الذين لم يستوعبوا الحياة الجديدة فأنهارت قواهم العقلية .
طلبت من أخواني هوية التقاعد كي أستلم بها راتبي ، فضحكوا وزوجاتهم ضحكن أيضاً فيما نحن جالسون في غرفة المعيشة نتابع التفلزيون الذي كان يعرض نشاطات الرئيس وهو يفتح ثلاجات الفقراء .
بعد أن يئست من أخواني ، ذهبت في أحد الأيام الى دائرة حبيبتي ، ووقفت في المكان نفسه الذي كنتُ أنتظرها فيه ، حين كانت تخرج عند نهاية الدوام ، وعندما حانت ساعة خروج الموظفين ، تواريت عن الأنظار ، كي أجعلها مفاجاة لها ، وفعلا ما أن رأيتها حتى تتبعتها وهي تسير متانقة ، كأنها غزال تتراقص في مشيتها ، دخلتْ الى مرآب ، لحقت بها وهي تتجه الى سيارة تيويوتا ، ولما أردت أكمال حلقة المفاجأة عليها ، وقفتُ عند باب السيارة الأمامي بجانب السائق . نظرت هي بإستغراب أول الأمر ، ثم بعد ثوانٍ ، بدهشةٍ ، أبتسمتْ ، بعدها زعقت " نديم .. أنت نديم " ، فرحتُ أشد الفرح لأنها تذكرتني ، بقيتُ أنظر الى وجهها الجميل الذي أحبه ، وأتمعن بإبتسامتها العذبة التي كنت أحلم بها كثيرا في ليالي الغربة الموحشة بين جدران الأسر . بعد لحظاتٍ وقف رجلٌُ بجانبي ينظر ألي بإحتقار وازدراء وهو يهّمُ بفتح الباب ، فقالت له " هذا هو المجنون الذي يحبني سبق أن حدثتك عنه كثيرا " دفعني الرجل عن الباب وصعد بجانبها ، أنطلقت السيارة وهما يتضاحكان بأعلى صوتيهما .
عدتُ الى البيت خائباً ، طرقتُ الباب فلم يفُتح ، بقيتُ أكثر من أربع ساعات عند العتبة ولا أحد فتح الباب .. ولم يُفتح لحد الآن
( نشرت قبل سنتين وذكرتُ بها اليوم )
Войдите на Facebook
Войдите на Facebook, чтобы общаться с друзьями, родственниками и знакомыми.
www.facebook.com