شعبان عبدالكريم - من فوق الربوة العالية

فى الوقت والمكان الذى لم أتوقعه، رأيتها كأجمل ما تكون، جالسة عند رأسى تسمح جبهتى.
أفقت فى اللحظة التى افتر فيها ثغرها عن ابتسامة وضيئة، وانحسرت شفتاها عن لآلئ ساحرة قالت:
كيف تشعر؟
- يبدو أن أحدهم قرصنى بأصابعه قرصة مؤلمة
- تعال معى
- أين؟
بعيداً.. بعيداً عنهم
وعيناى متعلقة بأحذيتهم الغليظة وهى تدوس أجساد أحبتى، رحت أصرخ:
الأوغاد.. انظرى ماذا يفعل الأوغاد؟
وجهها الآسر يحول بينى وبينهم:
لا تعود إليهم.
أنت لا تعرفين كم هم بحاجة إلىّ الآن، ها هم يعطفون نحوى يهتفون باسمى.
التمعت عيناها وهي تقول: أنتهى الأمر يا حبيبى لن يشعروا بك.
- لو كنت حبيبك حقا انتظرينى.
رحت أجرى بين الكتل السوداء وأنا غير مصدق أنها تغض الطرف عنى وتتركنى أصل لأحبابى.
الرجل الذى كنت أحمل معه طرف اللافتة أنكرنى وكأنه لا يرانى، الشاب الذى كان يعجبه هتافى فيحتملنى على كتفيه أراه الآن يتجاهلنى.
هتفت بصديقى بين الجموع فرأيته يبكى، لم أدر أن كان يسمعنى أم لا؟
ظللت أحاول، ألفت انتباهم، أهتف معهم، أصلى معهم فلم يتجاوب معى أحد منهم، بينما هى بأعلى ربوة فى المكان تنظر إلىّ، تنتظر، تبتسم
لا تثريب علىّ بعد الأن، أنا الذى عشت طوال عمرى أحب لغيرى، أحلم لغيرى، فى انتظار اليوم الذى تحبنى فيه ست الحسن أو تعجب بى بنت السلطان.
الكتل السوداء راحت تختفى، كف صديقى عن البكاء.
راح يغرس شجيرات الورد التى تعاهدنا أن نزرعها سويا.
وانا معها من فوق الربوة العالية أنظر إلى المكان وإلى أحبتى من جديد.
أسائل حبيبتى وأنا أفرك عينىّ: أيتصافحون هم أم يتعاركون؟
وحده صديقى يجلس القرفصاء يبكى، ينظر إلى الربوة العالية، أخيراً .. أخيراً شعر بى .. نظر إلىّ .. ابتسم لى، صنع لنفسه بساطاً من ورود حمراء
طار نحوى.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى