د. سيد شعبان - فريالة..

اهرب يا ولدي من هنا، إنهم يتتبعون أثرك، مثل كلاب الناحية يتشممون الأثر، منذ أسبوع وهم وراءك، أنت تعرف أن عائلة السبعاوي نفوذها كبير، لهم في البر كله معارف، لم فكرت أن تقترب من حدهم، فريالة؟
فيه واحد يجرؤ يحبها؟
- قلبي هو السبب، طاوعته، مشيت وراءه، مرآة الحب عمياء.
- أنا عارف إنها شق القمر، حلوة مثل القشدة، لكنك فقير من الأهل، وحيد من العائلة، وماذا تعنى لهم؟
-كنت هناك، أصابتني العدوى.
- عم محجوب أنا معجون بحبها، هي طيبة، لكنني عاجز، السبعاوية شداد، سمعت إنها ورثت أرض التسعين كلها، طبعا، زمام كبير، وعليه حراس وله ناظر وحسابات، وأنا فقير، أسمع كلامك، الحب حرام، سمعتهم يغنون في الموالد، قالوا كلام كبير، المسافة واسعة مثل نهر النيل من عند فوة،آه من حرقة القلب، من يكويني، من بالطب يداويني!
كل البلاد من غيرها منافي وحيرة، الغربة نار، والوجوه هنا وهناك ترفضني، ممكن أهاجر؟
أنا وقفت معها عند حنفية داير الناحية، جاءت تتلفع بشال من القصب، خيوطه كانت أشعة الشمس. طالعة من بدر منور، ياه يا عم محجوب، أنا كنت طائر في السماء، منه لله ابن عمها، دفعني بعيدا، وكان ناقص يمد يده، ضربته، وهات يا لكم، وهي مع شدة الضرب منبسطة، كنت الفارس، أول مرة أكون أسدا، أنت عارف إن السبعاوية مثل نخل الجميز منفوخين على الفاضي، خالتي مسعودة زغردت، خد فريالة احمر، سمعتها تقول: ما شاء الله عليك فارس بصحيح، لكن المهرة جمحت بعيدا!
-ومن يومها والنبابيت تبحث عنك، أصلك مرغت رجولتهم في الوحل، تحب تسعين فدان يا ولد؟
أنت عارف يعني إيه زمام كبير، يشقه خط الدلتا، عشرين فدان برتقال، وثلاثين قمح وبرسيم ،وعشرة افدنة موز، والباقي تفاح ومانجو، والخيل والبقر، والدوار، فريالة ملكة الكفر كله، وأنت لا تملك غير العضلات، خيبة الله عليك!
سمعت كلامه، فرت دمعة على خدي، ركبت أول مركب، أصل بلدنا على النيل، مشيت في البر كله، من بحري إلى قبلي، سكنت في مغارة درب الجماميز قرب المقام، السيدة زينب لها أحباب، جاورت عندها، لبست الثوب الأخضر، كنت أخدم المقام، عيش وملح مع الغلابة، ناس طيبة، الرصيف ترك بصمته على ظهري، لكن الرزاق هو الكريم، عتال وشيال من حارة لزقاق، سمعتهم مرة حكوا، عن ست جميلة، كل ليلة متعلقة بالسيدة، تبكي بحرقة، مات أبوها في ليلة غدر، بتدعي إن قلبها يشفى من علة ما لها دواء، توزع اللحم بالرطل، تلبس الغلابة ثياب، آه لو عرفتني؟
محال تعرف عتال؟!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى