محمد أبوالعزايم - أكانَ على عُزلةٍ..

أكانَ على عُزلةٍ
مثلِ هذي التي كنتُ آنسْتُ فيها السلامَ
وطمأنْتُ روحي بما سوف يأتي غدًا
أن تكابدَ تلكَ السياطَ على ظهر شُبَّاكِنا الموصدِ ؟
فتُفلِتَ
_ فيما أصيحُ أنا ميِّتٌ يا دُعاةَ الحياةِ_ يدًا
مُشتهاةَ النَّدىٰ من يدي ،
أنا ميتٌ يا دعاة الحياةِ فمُروا خِفافًا
كما جُزتُ عبرَ الضجيجِ خفيفًا
ولا تُقلِقوا _بالوقوفِ على مَرقدي _مرقدي
أُحبكِ يا عُزلتي ،
غيرَ أنَّ الزمانَ شقيٌّ يبدلُ _مازالَ_ في الوقتِ ما لا يُبَدَّلُ
والأرضُ كالأرضِ حينَ تَرقُّ المواعيدُ
تحتَجُّ ، تهتزُّ ، ترتجُّ كي لا نقَرَّ على ربوةِ الموعدِ
أحبكَ يا شعرُ ، كانَ على مُنصفٍ كُنتُهُ
أن يُذكرني بالذي كنتُهُ والذي لم أكنهُ ،
أنا عَيِّلٌ _ لا سوى عيلٍ_ قد تعلَّقَ في ذيلِ جلبابكَ المستحيلِ ،
يتيمًا تفلّتَ من قبضةِ اليُتم حينًا ،
فلما تبنَّيتَ أسرفتَ في رِقَّةِ الوالدِ
فلما تبيَّنتُ أشفقتُ أن أستحيل أنا فتنةً للذينَ استباحوا حِماكَ ،
فدعني أخَفْ أن يُقالَ _ إذا ما تردَّيتُ من شاهقٍ_
شاعرٌ ماتَ ، أو أن يخطُّوهُ زورًا على شاهدي.
أحبكَ ، بي لهفةُ المُستريبِ المُلِحِّ على وردة الشكِّ :
بي شاعرٌ..
ليس بي شا عرٌ..
يا وُريقاتُ قبلَ انقضاءِ الربيعِ أجيبي
وقبلَ انفضاضِ الرحيق أجيبي..أجيبي
وقبلَ انقضاضِ أكُفِّ الضجيجِ على بابِ خلوتيَ المُجهدِ
أحبكَ ، بي رِيبةٌ تستحثُّ اليقينَ
قُبيلَ انطباقِ الحَوافِّ على جمرةٍ طِفلةٍ خجَّلَتْها
عيونٌ تَراها _ على رِقّةِ اللَّفْحِ والنورِ_
نارًا تَأَجَّجُ في بؤرةِ المَوقدِ
أُحبكَ ، بي حَيرَةُ اللَّونِ
عند احمرارِ المواقيتِ ، في زفَراتِ النهارِ الأخيرةِ
والليلُ يسحبُ ما قد تبَقَّى بها من بياضٍ،
ولليلِ كفٌّ على نَولهِ عكفَتْ تشنقُ الشمسَ
في خيطهِ المعتمِ الأسودِ
وقد كنتُ في غدِيَ المُستطابِ أداويكَ منْ
طعَناتِ الذينَ استباحوكَ في زمنِ الساكتينَ
على ما نزفْتَ من الدمّعِ ،والدم ِ،
والذكرياتِ النديَّاتِ
والأغنياتِ التي كنتَ تشربُ ، والأغنياتِ التي
كنتَ _ ياسيدي_ ترتدي
فمَن لي بمَن كُنتُهُ في غدي ؟!
ومن لي بأمسي الذي سوف أستلُّ فيهِ صراخي
وأستوقفُ السائرين إلى فُوَّهَةٍ للحريقِ جموعاً :
على رسْلِكمْ ولْتسيروا فُرادى .. على رسْلكم ،
ليسَ مِن بابِهِ الأوحدِ
فثمَّ زمانٌ يذوب اشتياقًا لمن يُحسنونَ ابتكارَ المداخلِ ،
يمشي المساكينُ فيهِ حيارى ، بلا خارطاتٍ ،
ولا ثمَّ حادٍ بهِ يهتدونَ..بهم أهتدي
فمنْ لي بكوخٍ على جانبِ الدربِ تكونونَ في ظِلِّه عُوَّدي؟
هنالكَ لا عزلةٌ أشتهيها ،
ولا طعنةٌ للضجيج على بابهِ أتَّقيها ،
ولا حاضرُ مِنهُ أرجو الفرارَ إلي الأمسِ ،
أو للذي شُفتُه في غدي.
..................
محمد أبوالعزايم
فبراير 2021

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى