عبد الحميد الصائح - وداع..

وداعاً لكِ.
وداعاً لما لمْ أره.
للأماكنِ التي افترضتُها ولمْ أزرْها.
وداعاً لكتبٍ لم أقرأها،
وقصائدَ ناقصةٍ لم أنهِها.
لكلّ امرأةٍ لم تعرفِ اسمي
ولكلِّ طفلٍ نعيدُ لهُ مفاتيحَ الحياة.
لتاريخٍ يلدُ الفجائعَ،
وشعوبٍ تنامُ قلقةً على وسادةٍ واحدة .
عشتُ كي أكونَ (وداعاً)
وتعلمتُ الكتابةَ كي أدونَ على جبهتي (وداعاً).
وتعلمتُ النطقَ كي أقولَ: وداعاً
وابتكرتُ الحياكةَ كي أنسجَ لكِ منديلَ الوداع ..
وآمنتُ بالغيبِ كي أحرسَ الوداعَ من العَدمْ ..
وداعاً للفنادقِ الآمنة ،والأرياف، وتذاكرِ السفر السريّة، ومحطاتِ الطرقِ الخارجيةِ التي نرتادُها حين نتيه. للأسرّة التي تركناها دافئةً تُصغي الى بقايا الموسيقى . للحقولِ التي لعِبنا معاً معَ الأفاعي على حشائِشها.
وداعاً للجوع الجميلِ الذي جعَلنا نأكلُ بعضَنا ونحتسي لعابَنا.
وداعاً لبلادٍ خطّطنا حدودَها كي تسعَنا فقط.
للصيفِ والمطرْ.
والبردِ والشتاءْ.
لمشاهدِ الورودِ الأولى .
ولورودِ اللقاءِ الاخير.
وداعاً لي ،
تاركاً إيايَ قصةً غامضة اخرى .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى