عامر الطيب - من بين من أحببتهم كانت ثمة

من بين من أحببتهم كانت ثمة
امرأة خفية،
ظل خفيف على الأريكة ولا شيء آخر.
أقتربُ فيضيع من النافذة
و من الطريقة التي أجلس بها أيضاً.
أغسل الحيطان
و الأواني و الأخشاب.
إنني أركض حياة بطولها
دون أن تكون ثمة طريق للعودة،
و لعلي سأعيش حياة ثانية
بسبب عدم وجودي في البيت الآن!

وجدتكِ صامتةً فقلتُ في سري:
لعلك ستعدلين شيئاً في حبنا
لعل حقبة الجفاف ستمضي إلى الأبد.
كنا وجلين
وكان كلامنا كمنزل صديق هاوٍ
جلسنا معاً هناك
ثم أخذنا نمسح دموعنا
بمنشفة مركونة.
أرجوك أين البحر الذي سيعوض سخف مظهره؟
أين العاطفة التي ستصل لركبتينا كالوحل؟
أين معابر المدن المحفوفة بالأشجار؟

أنا آخر شاعر يقهقه
في مدينة الأقفال هذه
وقد سدّوا كل فم فاغر بقفل لامعٍ كسيف رسمي.
لكن الأمر كان مقززاً لنا جميعاً
بمجرد ما أسمع كلمة مفاتيح
أضحك عن جهل
فيضعون قفلاً ثانياً على فمي!

قالت عمتي:-
سأقطع لسانك إن تحدثتَ عن امرأة ،
ما زلت صبياً،
ينبغي أن تتأدب قليلاً.
إنها لا تعي ما يجري
أنا طفل عادي الخبرة
أنبح بوجه الفتيات لأخيفهنّ فقط ..
فيما بعد سأكبر و أفهم
إن فوات الأوان يعني أنني لن أفهم شيئاً !

يجب أن تبحث عن مرافق
لك إن سرتَ في الظلام
كرجل يحمل باباً
يصافح الغرباء بالمقابض
و المحبين العجولين بالمفاتيح .
يجب أن تكون لكما نهايتان
طريفتان
يقع الرجل متعثراً
فتدفن صيحاته الأخيرة بين الأقفال!

كانت تلك الطريقة الوحيدة
التي يمكنني أن أحبكِ بها
وقفتُ على امتداد الشاطئ
و صحتُ:
لستُ هنا
إنما حبكِ معي أينما حللتُ.
النبيذ سيعيش طويلاً
لكنّ الخراب العاجل سينال من اللحم!

يتكئ أبي
على جدارٍ وهو يقبلُ امرأة
دون علم والدتي التي لو علمتْ
لما كان بوسعها أن تفعل شيئاً.
نحن عائلة شرقية بالتمام
و الكمال يا أعزائي
يركن رجالنا زوجاتهم في البيوت
و عشيقاتهم الغائرات
على الجدران!

حبيبتي في أي بلاد ستعيشين
سيكون لديك بيت و عائلة ،
أعمام و رفاق و انغماسات عابرة.
سيكون لديكِ
وقت فراغ أيضاً.
سيحدث في بعض الليالي
أن تحبيني
و متى ما عرفت أنني
من بلادك نفسها
ستكون القصة الأكثر إيلاماً !

مَن سيعرف الكلمة الآتية
التي سأكتبها الآن؟
حسناً أنتم لا تعرفون وأنا لا أعرف أيضاً.
لقد تفتحتْ
موهبتي بذلك الرهان.
دعكم من أصوات السفن في موانئها القصية
إننا شعراء الكلمة
التي نبحث عنها !
عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى