عامر الطيب - الوضع الآن كالآتي

الوضع الآن كالآتي:
أنا جالس في المقهى، أنتِ جالسة في مكان
يبدو مألوفاً.
خلفكِ نافذة و خلفي مُفرّغة هواء،
اقتربَ النادلُ ليقدم لي الشاي
فلمحتُ يدكِ تقرّبه من فمي.
لم أكن قد أحببتُكِ بعد
لكننا كنا نتبادل النكات و الهدايا و الأوهام.
سألتُك:
هل تعلمت الإنجليزية ؟
فقلتِ:
بالطبع كما لو أنني أمضيتُ مدة في
لندن .
سألتِ و أنت هل أجدتَ الحديث بالعربية
الصفحى كما كنتَ تأمل ؟
فأجبتُ:
نعم كما لو أنني أمضيتُ حياتي كلّها في البيت!

غرفتي خطيرة للغاية، مدينتي و بلادي
و العالم أيضاً.
لم يعد بإمكاني الذهاب إلى مكتبي
إلى برفقة ظلي،
صار ثمة نظام جديد للسير :
الصباح للمارة المشاة و المساء للسيارات فقط .
أرتدي بنطلوناً واسعاً متخففاً من حقيبة
كتفي .
أنني أحبك
فأخرج ماشياً بنوايا غير سيئة
في مثل هذا المساء البارد حيث الطريق المخصص
للسيارات !

ذهبتُ إلى المطبخ فذهب أخي خلفي
وأنا منهمكة بقراءة الصحيفة ،
سألني ما الذي يجعلك تضيعين وقتك الآن؟
فأجبتُ:
ثمة إحصائية غريبة عن
مئة امرأة تقع في الحب يومياً
كيف استطاع المختصون معرفة ذلك؟
إنني لا أعرف حقاً
لسنا الوحيدين الذين نستغرب،
جيراننا و رفاقنا شعروا بالحيرة نفسها .
"ينبغي أن نراسل الصفحة فوراً "
شعرتُ فجأة بأنني متحفزة للبحث
عن الصحفي الذي عرفتُ فيما بعد إنه
يرقص بوقار كمن يخفي سراً.
لن أفوّت الفرصة حتى أعرف ما أحتاجه .
خلال عشر دقائق فقط
استطعتُ أن أحبه
و أمشي معه بسلام عبر الطرق الجانبية أيضاً .
كم كان الرجال معتمين ، لقد أحببتُ الكثير
منهم بينما كنتُ
أبعد الخصلة الكثيفة من شعري!

هنأتُ نفسي ببرود
كوني أصبحت شاعراً و بدا لي وقتها
أنني سأكون رقيق القلب
حتى إذا ما بعتُ السكاكين
و الخناجر في الأكشاك.
لسبب ما تم اعتقالي
فأودعوني السجن فوراً ، كانت الزنزانة
مضاءة بالكامل
غير أني سأصرخ متبرماً :-
أطفئوا بعض المصابيح لأرى !

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى