محمد الرياني - الطبق.. قصة قصيرة

وقفنا صفًا طويلا في نهارٍ حار للحصول على وجبةِ فولٍ من مقصف المدرسة ، الفسحة كانت بعد الحصة الثالثة من اليوم الدراسي، بعضنا كان يلبس على رأسه غطاء من الشمس والآخر يكاد شعْره يحترق، عدد الأطباق المتناثرة في فناء المدرسة لايفي بعدد الطلاب، معظمها لايزال يحتفظ ببقايا الفول من إفطار أمس، كنتُ محظوظًا جدًا بالحصول على واحد من الأطباق لأن السباق شديدٌ للظفر بها أمام أصحاب الأجسام الكبيرة، في صفّ الانتظار كنتُ الرابع أو الخامس في الترتيب، وأنا متشبث بالصحن خوفا من فقده، بقيَ أمامي طالبٌ واحد وأنا أتشوق لوجبة حارة لاخيار غيرها، في لحظة التفكير خُطِف مني الصحن بشكل مذهل، التفتُّ لمن ينتظر بعدي وإذا هو معه صحن مثلي، بدون استئذان منه سحبته من يده دون مقاومة ، جاء دوري ليملأه البائع بالفول، سحبتُ لي قرصين من الخبز، بينما خرج هو من الصف بهدوء، قبل أن أذهب لبائع الشاي وجدتُ زجاجةَ مربى فارغة، يعجبني أن أحتسي الشاي مع وجبة الفول، أخذتها ومررتُ على موزع الشاي، ملأ لي الكوب شايًا وانطلقتُ نحو الظل لأتناول وجبة الإفطار، عندما هممتُ بمدّ يدي شعرتُ بالندم؛ ربما لأنني أخطأتُ التقدير في حق زميلي، مرَّ بجواري طالبان يتهامسان، أحدهما أعرف شقاوته ومشاغبته، كان بيده صحنٌ يشبه الذي كان معي ، ظلاّ يضحكان وينظران إليَّ، في أحد الظلال رأيتُ الذي سحبتُ صحنه حزينا، تركتُ إفطاري وذهبتُ إليه متأسفا، أقسمتُ عليه حتى يشاركني الإفطار، فرحتُ كثيرًا وهو يوافق على ذلك، جاء معي وجلس، أعطيته رغيفًا وبقي معي آخر، تناولتُ كوبًا فيه بقايا من شاي تركه صاحبه، أفرغتها واقتسمنا مامعي وبدأنا نفطر، الآخران لما شاهدانا أقبلا مسرعين، جلسا معنا ووضعا معنا الطبق وهما ينظران إلى الأرض خجلا، تناولنا نحن الأربعة الإفطار والفيْء يتجه إلى مكان آخر، انتهينا، رفعنا رؤوسنا، التقتْ عيوننا، انطلق الضحك من أفواهنا وعليها بقايا الوجبة الحمراء، اعتذر مني الذي سحب الطبق، فَعلَ ذلك مع الذي سحبتُ صحنه في الصف، أعلنتْ صافرة المدرسة انطلاق الحصة الرابعة، كانت حصة تعبير، شككنا في أن معلم اللغة شاركنا الوقوف في صف الانتظار وتناول وجبة الإفطار.


محمد الرياني – السعودية




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى