علي بنساعود - سرير ولا ماء...

لم أصدق عيني، ولا استطعت الحركة... كنت جالسة في غرفتي المعتمة، أتأمل انعكاس وجهي على صفحة المرآة، بدت لي بعض التشوهات عليه، أصابني الرعب... واصلت النظر، تواصل التغيُّر...

أصبح وجهي من شمع، وجها غريبا لا يمت لي بِصِلَة...
جف ريقي، تسارع نبضي، انتابتني شكوك في هوية الوجه أمامي، قلت: لعله انعكاس لكائن آخر، يقاسمني الغرفة... يراني ولا أراه...

نسيت، لحظتها، كل شيء، تذكرت فقط أنني التقيته، مرة، أذابت نظراته جليدي... أنجبت منه صبيا. رفضني أهلي وإياه...

كبر الطفل، وكان قميئا ذميم الخلقة، أثار الأمر قلقي، فكرت مليا في الأمر، وانتهيت إلى أن ابني سيعيش شقيا، إن نظر إلى وجهه، يوما، في المرآة... هجرت وإياه المدينة، انقطعنا عن مخالطة الناس، خصوصا المعارف منهم... ضعف جسمه، هزل، تلاشى... صار مجرد ذكرى...


*** *** ***

نبهني من شرودي، وكان بجانبي يطلب نارا...

صراحة، شدتني حكايتك، قال، لامست مشاعري، احترت أَأُشْفِق عليك وأواسيك، أم أشد على يدك لشجاعتك؟!


*** *** ***

اكتشف أنه لم يكن أمام امرأة منكسرة، ولا أمام امرأة صلبة قوية استطاعت أن تقف على الرغم من سقوطها، بل أمام تخيلات لا يدري ما الذي جعلها تستبد به...

حزنك غير ظاهر على محياك، سيدتي، أضاف، وإن حدث وظهر، بدا على هيئتي، على هيئة رجل مكتئب، يعاقر كحولا رخيصا...


*** *** ***

لم ننم تلك الليلة، ولا ما تلاها من ليال، تُطير الثمالة من رأسي، تبيت تبكي وتلومني... تناديني باسم ليس اسمي... تحكي عن وقائع لم أعشها، ولم أسمع عنها قط...

*** *** ***

طيلة أسابيع، عانيت من قشعريرة، تارة هي تيار كهربائي في الصدر، وأخرى هي برودة تلدغ الروح... وحين أنام، ليلا، يرتفع ضغطي، ويتعرق جسمي... أُدخلتُ المستشفى، أُخرجتُ منه كما دخلته... وكلما اختليت بنفسي، هجمت علي، وكنت موقنا أنها تتربص بي...

صرختُ...

ربطوني إلى "عجلة الهامستر" تركوها تدور بي ساعات... أياما... بل شهورا...

ظلت تدور وتدووور وتدوووووور...

واصلت الصراخ...

كبسولة...

عطش شديد...

خروووج...

أتدرون...؟ جثتي، الآن، ممددة على ضفة هجر سريرها الماء!؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى