عامر الطيب - كنتُ سأكتبُ لكِ الآن كلمة أصيلة.. شعر

كنتُ سأكتبُ لكِ الآن كلمة أصيلة
كالعطاس في المزرعة،
كنتُ سأخبرك بالحقيقة
لكني فكرتُ بمصير الأمطار التي كنا نتبادلها،
المدن التي حلمنا بإبادتها،
الزوارق التي صنعنا منها موتاً،
الشوارع التي قطعناها وحيدين في الصقيع الماضي.
كنت سأحبك ثانية
و أحلم كوحش متكئ على شرفة
إلا أن روحي الحبيسة هي التي منعتني
ذلك إن الأشجار تتمددُ
و الجذور هي التي تنمو فقط !

تذكري أنك جميلة
حتى إذا كان جسدك في سهلٍ
و قلبك في سهل آخر ،
حتى إن تذمرتِ
و تطلعت للمرآة كنزلاء الفنادق
في الأفلام،
حتى إن حلمت
و استيقظت مرتعبة،
حتى إن انتظرت مجيء
الفارس المبجل
ولم يأتِ
تذكري إنها مزحةٌ
و استأجري له فرساً!

إلى الآن يشتعل جسدك في رأسي ،
ساعة تلو ساعة
أمشي عاشقاً و أفتح عينيّ كأني أدربهما ،
رأيتكِ ذات مرة
في ظهيرة غير بشرية
متمددة على الشاطئ،
تاركة لحمك يلتهم الهواء
كجناح لقلقٍ فضي ،
رأيت أننا
نمنا معا على ضفة النهر
كشيوخ في حافة الهاوية
لكننا ما بين النظر للوقت
المتبقي و الحذر من أن يكون قصيراً
صرنا أطفالاً !

ثمة عالم يُشترى و عالم يُبتدع
و بصرف النظر
عن الجودة
و التاريخ الموغل بالقدم
لكل عالمٍ
فإنني رجل مأخوذ باللعب:
نصف صافٍ مثل الصخرة
و نصف متوحش مثل النبع !

مددتُ يدي لأتلمس القمر
حدث ذلك حين كنت حالماً كشاعر صيني
لكني كبرت وسط الزوبعة .
عرفتُ في لحظة ما
إن الحياة لها وجوه مرئية كالكمائنِ
لكنها تخفي وجه الموت !

أنا في مدينتي فتى غزير الخطوة ،
أعيش ما يمزقني و أمازح رفاقي،
أضبط الساعة على يدي و أحاول أن أبدو موقراً
و مبجلاً و منسياً،
أنا في مدينتي
كما أنا في عائلتي
منطفئ و متشابك الأصابع و الاحلام
أدفع ثمن
ما كنتُ أعلّمه لنفسي منذ البدء
هكذا
إلى أن صارت لدي صلوات
مطولة قرب ضريح منهار !

يا بلاد الأجانب و المسافرين
أطلب منك
أن توفري لي سقفاً صغيراً
و جداراً و نافذة
بعد ذلك سأطلب منك
مصباحاً و مقعداً و سريراً
ثم ستكون لي طاولة لأكتب
و باب
لأرحب بالوفود أو ألغي زياراتهم.
اللعنة على الأطفال البلهاء،
لم لا تكفيهم
السيارة المعطلة بيتاً ؟!

إله الألم اندفع منذ زمن
و أغلق خلفه الباب بيديه
وها هو يتفرج من النافذة
على أعراسنا الصغيرة،
على خبزنا البارد
و مدننا الشاسعة كالأنفاس .
إله الألم
سمع صلواتنا مرة واحدة
وعرف إن ضحكنا مرير
كمحاولة الأحذية الضيقة بأن تبكي !

أندفع في العمل
كخالة أرملة ترغب بأن تكون لها قصة ، أن يكون لها الهواء
و الأغنيات و ماء الورد .
هذا أملي و أنا لا أعلم أي عضو من أعضائي
سيقع في الحب أولاً و أي عضو
سيعالج ذلك بسلاسة و قوة.
إن الأماكن تزداد عتمة
إنني أحب ككلاب البراري،
أمر صغير ينبغي الإشارة إليه أيضاً
إن النبوءة تحدث الآن :
الأزهار الذابلة في أجساد الآخرين
تتفتحُ في جسدي !

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى