عبد الناصر حسين حداد - رسائل متأخرة

إلى طفلةٍ بلَغَتْ غصنَها الأربعين
وما كنتُ أنوي الكتابةَ لكنّها شهقةُ الشوقِ، بل زفراتُ الحنين

- ر -

رأيتُ أباكِ هنا..
لم أقل مَنْ أنا
كان مستغرقاً في خيالكِ.. تاريخُ وجدٍ على وجنتيهِ،
وجغرافِيا وجهِهِ لاتُفَسَّرْ
بهِ شَبَهٌ منكِ:
1- نفسُ الجبينْ
2- وعينُ الهلالَيْنِ في البؤبؤَينِ
3- وذاتُ الدمِ الحلْوِ والحركات
لقد وشَمَ اسمَكِ يوماً على زندهِ
وكنت أموسقُهُ إذْ أراهُ
فباسمك.. لاسمك.. لفظٌ مقدَّسْ
يُرى، ويُشَمُّ، يُضَمُّ، .. له طعمُ مَلْمَسْ..
ورائحةُ النغمات
تقمًّصْتُ شخصَكِ يوماً ولم ينتبهْ
ولقَّبْتُ نفسي (رهينَ المحابسِ)
عاشرتُهُ سنتَيْنِ، تعلّمتُ منه علوم الحياةْ
وماتْ..
أحيطك علماً بأني حزينْ
وما كنت أنوي الكتابةَ لكنّها عادةٌ سيئةْ

- و -

وحيداً – ولستُ وحيداً - أُساقُ إلى موعدي معكِ الموعدِ المنتظَرْ..
أسيرُ إليه (الأميرَ الأسيرَ) يرافقني حرسٌ.. كنت أرشو الصباحَ لكي يتباطَأَ، أرشو القمرْ..
ليبقى قليلاً ويشربَ نخبَكِ؛ أطلب من أختك الشمسِ أنْ تتأخَّرَ بالنوم حتى أدوزنَ فيك الوترْ
فيوقظني جرسٌ.. ويقول المحقِّقُ:
كيف كتبتَ – على بيتكِ – (الموتُ للظالمانِ)؟
لقد كسروني لأني كسرتُ القواعدَ في النحوِ ليس لأني عنيتُ أبي ثم أمي
فأمي (مُمَأْسَسَةٌ بالقوانين) حرية اللغو فيها مقدَّسَةٌ طاهرةْ
لقد جزموني لأني خرجت على اللغة الماكرة
- يُجَرُّ المثنى بياءٍ وليس ألِفْ
ولم نختلفْ..
فتلك مناقشةٌ عابرة
وإنْ نصبوني بضمِّ يدَيَّ وكسْرِ الأنِفْ

- م -

- متى؟
- منذ شهرينِ
- محمودُ!
- ماتْ
ولم يخبرونيَ.. خافوا عليَّ من الخبر المبتدأْ
كأنَّ المدى شمعةٌ وانطفأْ
وما كنت أنوي الكتابة لكنْ خشيتُ الصدأ

- ا -

أتابع ما تنشرين هنا وهنا..
لم أقل من أنا
وأقرأ حتى الفراغاتِ حتى مسام السطور وأوردة الكلمات
أتابع صفحتك العامرةْ
ولا أتفاعلُ كي لا يقال
بأنِّيَ من معجبيكِ وأنِّيْ مجرّدُ ظلٍّ هنا بين هذي الظلال
وما كنتُ.. لكنْ طرحتُ الإجابةَ دونَ سؤال
أحيطكِ علماً بأني: ..، ..، ..، ... إلى آخِرِهْ

(جواب)

إذا بُحَّ بَوحٌ..
وعانيتَ من نَزْلَةِ السَّرْدِ والحسرةِ المالحةْ
وأدركتَ أنَّ غداً سيكون كما البارحةْ
فانتظرْ فرصةً
وإنْ جفَّ عودٌ، وماتت وعودٌ، ..، ..
وصار الصدى والمدى بَدَدَاً؛ فانتظرْ
إذا كان كونٌ (..) وأصبحَ (..)
واختلطتْ بالحواسِ رؤاكَ
سمعتَ جروحاً وأبصرتَ ريحاً وأمسكتَ بالرائحةْ
فانتظرْ فرصةً
وإنْ جرَّدوكَ بلادَكَ، صوتَكَ، جِلْدَكَ، وقتَكَ، ..، ..
إنْ نصَبُوكَ، وإنْ جزموكَ،
وشُبِّهَ للنارِ أنْ حرقوكَ؛ انتظرْ
إذا (التفَّتِ الساقُ بالساقِ..)
إنْ قرؤوا فوق قبرك ياسينَ، والفاتحةْ
فتلك هي الفرصةُ السانحةْ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى