في الليلِ تكبرُ
السماءُ بمقدار غيمة ، الحديقة بمقدار طير نائحٍ،
يكبر أخوتي
و تكبر الفجوة فيما بينهم
تكبر بلادي أيضاً
إلى أن تضيق كحدوةٍ على قدميّ،
الأمر الذي يجعلني أرعى جسدي
بطريقةٍ فاتنة و دنيئة .
في الليل تهبُّ ريح جديدة
و غاطسة في الوحل
لكني أعايشها كشجرةٍ،
لا ريب أن الأغصان
التي تنكسر
ستفعل ذلك من أجلي !
♤
ذات يوم
أحبت جرة
فملأها المسافرون بالماء ،
لقد باتتْ لا تسع
لكنهم لم يلتفتوا لذلك
و لو فعلوا ذلك فسيحسدونها قائلين:-
إنّ الجرةَ المكسورة تسع المياه كلها !
♤
جئتُ إلى حبكِ كما جئتُ الآن
إلى غرفتي،
رفعتُ الملاءة و نظرتُ
للمروحة الخشبية ،
حمدتُ الآلة على ما تفعله ،
سمعتُ مرارة الفلاحين
وهم يستعدون لعمل شيء ذي قيمة
في هذا النهار الأقرب
إلى لعبةٍ.
عرفتُ إنني أحبك
مقارناً ذلك
بعطشهم اللاهب وهمُ يشقّون الأنهار!
♤
لقد التقينا
طفلين صغيرين لم يتعدَ عمر أحدهما
أياماً،
ذكرياتنا كانت تتفتح في مكان ما،
في الأسرة حيث كان أهلنا
لا يفهمون حياتنا النابعة
من النظر.
لقد كنتِ تضحكين و هذا معنى
ما تقولينه غالباً
و كنت أبكي لأقول لك :
يا للأسى،
لا توجد لدي حياة طويلة
لأحبكِ منها !
♤
في حياةٍ هنا لا أدري أين ،
أحببتكم جميعاً و قابلتكم فتذمرتُ
و أسفتُ لما حدث،
كانت قلوبكم تمشي على الأرض
كرجالٍ آخرين ،
كانت اجسادكم تولد
كل يوم فما أن يفرك أحدكم
جفنيه
حتى يبدو كمن عاش حياة ثانية.
في حياة هنا لا أدري أين
كانت ظلالكم لا تكفي
لتكونوا أشجاراً !
♤
أغرس النبتة
و أقول فلتكن هذه نهاية محبتي
للأسماء .
يخطر لي
أن أنهي حياتي بنفسي
و قد تعدى عمري
الثمانين عاماً،
إنه كلام من لهب،
ما الذي بقي ؟
سيقول رفاقي
فأجيب:
تكمن الشجاعة
في أن نتخلى عن الهبة
عندما لا يتبقى شيء فيها !
♤
أحبُّ ابنتي لتحبَّ ابنتها
متأملاً أن تفعل ابنتها
الأمر ذاته
مع ابنتها .
هكذا سأصعد تلة من غابر الزمان
لأصرخ كفمٍ غير بشري:-
لقد أحببتُ العالمَ
من أجلك يا آخر أحفادي!
♤
كنتُ أقطع الأعشاب اليابسة
فسمعتُ إنك في بيتنا،
أعرف حذاء خالتك
و أعرف الخيبة التي تتحدث
بها عن حياتك.
دخلتُ و سلمتُ خجولاً
كمسيح مصلوب بزجاجة ،
ارتديتُ بجامتي و قعدتُ
بجانب أمي
لأنساكِ.
نهضتْ خالتك وقمتِ بعدها فوراً.
قلتُ:
"لو تنامون عندنا هذه الليلة"
لا أذكر إنني قلتُها
حرفياً،
فقد كانت أمي تزيل
الأعشاب اليابسة عن حلقي !
♤
ها قد صار الشعراء شعراء طيبين أخيراً
يسمون الحجرة
حجرةً
و الحدبة حدبةً
و المسمار مسماراً.
ها قد صاروا
يبكون كما نبكي
مستندين على جدار
لا عبر المدينة بأجنحة مجهولة .
لقد صاروا
مثلنا تماماً
لكننا وجدنا فماً مسدوداً
فقلنا للهفة :-
لو يسمّونه حقلاً !
عامر الطيب
السماءُ بمقدار غيمة ، الحديقة بمقدار طير نائحٍ،
يكبر أخوتي
و تكبر الفجوة فيما بينهم
تكبر بلادي أيضاً
إلى أن تضيق كحدوةٍ على قدميّ،
الأمر الذي يجعلني أرعى جسدي
بطريقةٍ فاتنة و دنيئة .
في الليل تهبُّ ريح جديدة
و غاطسة في الوحل
لكني أعايشها كشجرةٍ،
لا ريب أن الأغصان
التي تنكسر
ستفعل ذلك من أجلي !
♤
ذات يوم
أحبت جرة
فملأها المسافرون بالماء ،
لقد باتتْ لا تسع
لكنهم لم يلتفتوا لذلك
و لو فعلوا ذلك فسيحسدونها قائلين:-
إنّ الجرةَ المكسورة تسع المياه كلها !
♤
جئتُ إلى حبكِ كما جئتُ الآن
إلى غرفتي،
رفعتُ الملاءة و نظرتُ
للمروحة الخشبية ،
حمدتُ الآلة على ما تفعله ،
سمعتُ مرارة الفلاحين
وهم يستعدون لعمل شيء ذي قيمة
في هذا النهار الأقرب
إلى لعبةٍ.
عرفتُ إنني أحبك
مقارناً ذلك
بعطشهم اللاهب وهمُ يشقّون الأنهار!
♤
لقد التقينا
طفلين صغيرين لم يتعدَ عمر أحدهما
أياماً،
ذكرياتنا كانت تتفتح في مكان ما،
في الأسرة حيث كان أهلنا
لا يفهمون حياتنا النابعة
من النظر.
لقد كنتِ تضحكين و هذا معنى
ما تقولينه غالباً
و كنت أبكي لأقول لك :
يا للأسى،
لا توجد لدي حياة طويلة
لأحبكِ منها !
♤
في حياةٍ هنا لا أدري أين ،
أحببتكم جميعاً و قابلتكم فتذمرتُ
و أسفتُ لما حدث،
كانت قلوبكم تمشي على الأرض
كرجالٍ آخرين ،
كانت اجسادكم تولد
كل يوم فما أن يفرك أحدكم
جفنيه
حتى يبدو كمن عاش حياة ثانية.
في حياة هنا لا أدري أين
كانت ظلالكم لا تكفي
لتكونوا أشجاراً !
♤
أغرس النبتة
و أقول فلتكن هذه نهاية محبتي
للأسماء .
يخطر لي
أن أنهي حياتي بنفسي
و قد تعدى عمري
الثمانين عاماً،
إنه كلام من لهب،
ما الذي بقي ؟
سيقول رفاقي
فأجيب:
تكمن الشجاعة
في أن نتخلى عن الهبة
عندما لا يتبقى شيء فيها !
♤
أحبُّ ابنتي لتحبَّ ابنتها
متأملاً أن تفعل ابنتها
الأمر ذاته
مع ابنتها .
هكذا سأصعد تلة من غابر الزمان
لأصرخ كفمٍ غير بشري:-
لقد أحببتُ العالمَ
من أجلك يا آخر أحفادي!
♤
كنتُ أقطع الأعشاب اليابسة
فسمعتُ إنك في بيتنا،
أعرف حذاء خالتك
و أعرف الخيبة التي تتحدث
بها عن حياتك.
دخلتُ و سلمتُ خجولاً
كمسيح مصلوب بزجاجة ،
ارتديتُ بجامتي و قعدتُ
بجانب أمي
لأنساكِ.
نهضتْ خالتك وقمتِ بعدها فوراً.
قلتُ:
"لو تنامون عندنا هذه الليلة"
لا أذكر إنني قلتُها
حرفياً،
فقد كانت أمي تزيل
الأعشاب اليابسة عن حلقي !
♤
ها قد صار الشعراء شعراء طيبين أخيراً
يسمون الحجرة
حجرةً
و الحدبة حدبةً
و المسمار مسماراً.
ها قد صاروا
يبكون كما نبكي
مستندين على جدار
لا عبر المدينة بأجنحة مجهولة .
لقد صاروا
مثلنا تماماً
لكننا وجدنا فماً مسدوداً
فقلنا للهفة :-
لو يسمّونه حقلاً !
عامر الطيب