محمد الرياني - سَمِيَّة

يَفتحُ الليلُ مفاتيحَ الظلام ، تَنطفئُ كلُّ مفاتيحِ النهار ،تسلِّمُ الشمسُ العهدةَ وتغوصُ في البحار ، النجومُ وَحدَها هي التي لايستطيعُ أحدٌ الارتقاءَ لحجبِ تلألؤها ، يعمُّ التثاؤبُ مع مرورِ الظلام ، تُغمضُ كلُّ الأشياءِ عيونَها حتى تلك السرجُ التي تبدأُ مع الغسقِ في إدخالِ البهجةِ وتعويضِ مغيبِ الشمسِ فلا تستطيعُ الاستمرار ، تأتي الأيادي لخنقِها وقتلِ روحِ الحياةِ فيها ، أو تنضبُ شرايينها فتلحق شعلتُها بالشمس فيموت الأحياءُ موتتَهم الصغرى ، يلتحفونَ بالأغشيةِ ليزدادَ الظلامُ وتغيبَ كلُّ الوجوهِ والأجسادِ بانتظارِ عودةِ الحياةِ مع حضورِ الكرةِ الحمراءِ في السماء ، تحتَ اللحفِ تبيتُ النجومُ لتحرسَ من بعيد ، الهدوءُ التامُّ يجعلُ وَقْعَ الأقدامِ يرنُّ في المسامعِ التي تستعيدُ الحياةَ مع القادمين نحوَ العبثِ بجمالِ الأحلامِ وإفسادِ نهاياتِها ، في ليلةٍ هانئةٍ أطفأت فَانوسَها والصغارُ نيامٌ بعدَ جَريٍ في مِضمارِ النَّهار ، تَعبوا والشمسُ في طريقِها للغروب ، تثاءبوا وناموا، وَضعتِ اللحافَ عليها فلم تنم ، شَعرتْ أن الليلَّ سَيستيقظُ معها ، أنَّت من الألمِ الذي فاجأها في غمرةِ الظلامِ والسكون ، سَمعَ الرفيقُ القريبُ وقد نبههُ صمتُ الليلِ إلى أنَّ هناك صوتَ استغاثةٍ ، سَمعَ أنينَها ، قامَ من على السريرِ على أطرافِ أصابعِ قدميه كي لا يوقظَ الصغار ، قرَّبَ ماءً ساخنًا ، تمَّتِ الولادةُ على خير ، صحا الصغارُ على ضيفٍ جديد ، وَضعُوا قُرعةً ليختاروا منها اسما: سراج ، نجم ، ضيف ، ترددوا ، قالوا إنها بنت ، سَمُّوها : شمس ، ليل ، ليلى ، عادَ الليلُ والسكون ، في الظلامِ لم يطفئوا السراجَ ، باتت لهبته ترقصُ في زجاجتِها مشتعلة ، احتفلوا بالشمسِ الصغيرةِ حتى أشرقتْ سَمِيَّتُها .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى