روجيه غريب - خطبةٌ اعتذارٍ تمّت مقاطعتها

اعذروني لأني طالما كنت حاداً و ثقيلاً على العالم
على الجميع أعرف، من كبار السن ومحافظين،ليبراليين و يساريين،شيوعيي ما بعد السقوط و مؤمني الأديان ،
أصحاب القلوب الهشة و العبيد بمختلف أنواعهم،ضعفاء الموقف و أنصاف البشر
أعرف أن حركات النسوية تبغضني و المدافعون على البيئة و الحيوانات المهددة بالإنقراض أيضاً و القلقون دوماً من شيء أو على الكوكب
-هه هذا الكوكب أدرى بمصلحته و يعرف جيداً الاعتناء بنفسه -
لكن نحن من يجب أن نداري أفعالنا و نعقل سلوكياتنا ،هؤلاء البشر المتغطرسون,
إنهم يعتقدون أنّنا كبشر أكثر من مجرد جزء من الطبيعة و الكون .
أعتقد أنّ المجتمعات البديلة في العالم و أصحاب فكر "أحرار الرهينة"
(الذين يطوقون أنفسهم بأساليبهم ليصبح هو نفسه عدوه الذي يبغضه و يعجب به في الوقت ذاته)
و رواد التجمعات "ما بعد الحديثة" التي تروج للحرية بالخروج عن ما هو مألوف فقط
يعيدون إنتاج تلك النسخ التقليدية (المكروهة لإبتذالها السفيق)
بنسخ أخرى متقنعة فنياً و معرفياً و بالتالي يعاود تكرير تلك الإيديولوجيات التقليدية بشكل مناقض
و مخالف لما رسم أو وُجِبَ للشخصيات أن "تكون" و "تتواجد" .
و هذا ما يقودنا إلى ذاك الاستقطاب الحقير و النشاز الثقافي و انعدام الهارموني في حياة البشر اليومية
إن ذاك الشرخ المؤلم في شخصنة الأفكار عند حدوث أي خلاف في المواقف اجتماعياً أم سياسياً
هو من عوامل الشلل الفكري و السياسي الذي نعيشه اليوم
كنت أحدث نفسي يجب في المرتبة الأولى أن نتخلص من ذاك الجلاد القابع في داخل كل منّا،
أنّ نرمي ذاك الديكتاتور الشخصي بعيداً و ليواجه كل منّا ذاته و يخوض صراعه الداخلي غير المنتهي
بثقة المنتصر دوماً على الرغم من أنّه (ليس لنا يا قلب إلّا الهزيمة في حروبك)
قبل أن نطلب من تلك الشخصيات التي تعتاش على النقد و الانتقاد و التنمر و الاِستهزاء أن يكفّوا
عن تكوين ذاك الديكتاتور المجتمعي تحت أغطية و مقارنات سلوكية و ظنّ لا منتهي في عالم يسوده
الشك و الحسد و الحيرة ، هذا ما يقطف ورودنا الداخلية و يرميها في الخارج القذر لنغدوا نحن ضحايا و جلادين
نلعب أدوار مزدوجة في سبيل الحفاظ على خرافات و خُرذة مجتمعية عفا عليها الزمن
فالعادات و التقاليد يمكن أن تكون متحفاً و تراثاً و أصالة
و يمكن لها أن تصبح - إذما أخطأنا الوجهة - سلب حقوق أو جريمة شرف أو أمراض عتيقة لا تنضب .
قبل أن نطلب ذلك يجب أن تفهم العائلة البشرية بكافة أشكالها و ألوان العلاقات المختلفة في التجمعات البشرية
ضرورة التخلص من أي حس جلاد يتربص بكل فرد، طفل منها و يُعكَس هذا بمختلف أنواع السلوكيات البشرية
و طرق التعامل و أساليب بناء الإنسان كوحدة حرة ، غير منمطة و محددة بقوالب مسبقة ,
تلك المخاوف التي تزرع في داخل الكائن البشري هي ما يقوّض كل شغف خلّاق و طاقة عظيمة تعمل فينا ,
ليقودنا طريق النفاق و الفساد الى استكمال مسيرة حجب الحقائق اللامنتهية والتوغل في متاهات الفزع و العرع و الحيرة .
و الآن وصلنا إلى ذاك الديكتاتور الحقير المتربص بأرض ليست له وحده ،
مزرعة تخصه و تواري احتياجات أقرباءه و عائلته أيضاً و المخلصين له (قال طلعوا هنة ثوّار و نحنا ثوار )
كسيد إقطاعي برجوازي أو أمير عُيِّن من خالقه ؛ ذاك رب الديكتاتور الأعظم المحيي سبحانه خالق الكل ،
ديكتاتور الوجود الأزلي الذي تنتهي إزالة القداسة عنه بتنضيف عقولنا من آخر معاقل المخاوف القابعة داخلنا .
على نفسي شخصياً كنت حقيقياً أكثر من اللازم و مباشراً و واقعياً و صريح حد الوقاحة ,
طالما كان وجودي يؤجج تلك التناقضات التي يعكسها الواقع و يعريّها شفافة في وجوه المارّة العميان .
أسفي لجميعنا أنّي مُحالٌ و حتميٌّ هنا مثلكم جميعاً أنا العادي و النافر ، أنا أنتم كما كلنا يمكن أن نكونني
-هل تعرف ما هي الحرية ؟
و كيف لي أن أعرف دون أن أعايش و أتذوق مرارة ما يناقضها و يعاكسها ( عنا سنين بالبهدلة خبرة و اسأل مين مبتدرى بقلك )
- و ماذا عن التميز ؟؟ يا مايز و ماذا عن الأمل أيضاً؟
أمراض بشرية جمعية
- على الله
حبيبي الله يفرج .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى