عبد الرؤوف بوفتح - "سميراميس" والمُتنبّي

أربعون عاما..
وانا اتدرب على ما يشبه :
" ذَرَانِي والفَلاَةَ بِلاَ دليل"..
هذا الصّدر الذي ..
مذ مَصصتُ حليب الخيبة فيه
وانا عطشان.
ثم زادت شقوق الطين
في خطوط جبيني
وذاكرتي.
- يُخيّل اليّ أحيانا..
انّ كل قافية ينفثها المتنبي
هي رصاصة
أصابت اغلب الذين
ارادوا ان يصنعوا شبيه سرجه
او ركوب حصانه.
او عطر دَواته،
وكيمياء حِبْرِه ...
مِنْ بَعده
رصاصات اصابتهم في الرّكبتين.
يعني لا وقوف
عند باب الشعر ابدا.
- أحيانا..
يُخيّل اليّ
انّ الكتابة الجميلة
وتحنيطها
يلزمها الكثير من طباع فرعون

المكر والتعالي
والسحر
والقسوة..
وسياسة الاظافر
ووضع كل راس تطُلّ
تحت الابِطين
واخضاع كل الهَوَام
الى عكّاز الإِمَام..!

يخيل الي ..
انّ الكتابة..
مثل امراة تحبها
لا تعرف ابدا..
متى..او كيف ترضيها..
مثل عطر " جوزفين"
الذي ظل " نابليون"
يطلب شَمّه
وهو يموت
وهو يعرف ايضا
انها تخونه..
.مع احقر ضابط في جيشه.
فهل توجد مصيبة اخرى للعشق
أبْشع وأمَرّ .. وألذّ ..من هذه..
كذلك الشعر..
كل الحروف لها مخالب
وكل اللغات تخون
ومع ذلك..

قليل ..
من يصنع منها ..
بعض صهيل.
أربعون عاما.
وانا أطوف حول شطر بيت.
وانا أدور حول ظلّي..
مزهوّا كالطاووس
لا استطيع اطير
لا اعرف الى الان ..
دهشة الوان ريشي وأجنحتي.
أحس..
ان الذي في المتناول
هو كلام فارغ
وان الذي يملا قلبي
وينكر أصابعي
هو النجم الحارق الدامغ .
- أنا اخطات مرات في الحب
في المَسك كما يجب
بتلابيب
قلب امراة..
انا حين اتعثر في عيني امراة
يسقط كُلّي
اغمض عيني
ويرميني قلبي دفعة واحدة.
- بعد اربعين عاما.
يبدو..
ان الفاس اصابت الرأس
وقعتُ في حب امراة
بَدَاتْ تتحرك في الراس..
فيها زحام كثير
كأنه يوم القيامة..
فيها حضارات مرعبة
- أن تستوعبها
ان تقرأ ألواحها...
يلزم : عُمر سيدنا " ادم "
وحتى الف سنة ..
لا تكفي عاشق "سَمِيرَاميس".
كل امراة..
خلقها الله..
هي خارج السيطرة
منذ فضيحة التفاح..
انا لا اعرف فَنّ الخطوة الاولى
لا ديبلوماسية عندي في الحب
حين اشتهي حضن امراة
تحركني الربح اليها عبر كل الجهات
تأخذني اليها..

مثل زهرة قطن.
انه الوَشْم.. ومَرْبط الفرس
وهذا الذي..
اسعى الى حُرْقته
في حَضرة النص..
الحريق.. حتى هدوء القط
في سوق السمك
يعني..
هدوء خراب " مالطا"..
لذلك فأنا عطشان
ومريض يا متنبّي
عَدْوى حبر " دَواتك"..
اصابتني مبكرا..
فَاحَت في كل أحراش الجسد
والى حد صياغة
بيت العنكبوت هذا....
يا متنبي المحتال الجميل
ها قد تَرَكْتَنا انتَ ايضا..
في الفَلاَة بلا دليل..!
الكتابة صيغة اخرى لخراب القلب
كما نصوص النساء تماما..
حاضنة التيه والتجاعيد
والعذاب الجميل..

انها..
لا تطيل العمر بالتأكيد

لكنها . .

تزيل اوجاعا كثيرة..!!

- امّا قبل
أيّها المتنبي ، وعاشق الامير
- سوف يقف الشعراء عند خيمتك مذعورين يوم القيامة حتى تخرج اليهم انت لتحكم فيهم..
هكذا ..
حدثنا غلطا " ابو مهدي الباهلي"
عن "جَرير"...!

* عبد الرؤوف بوفتح/ تونس
Abederaouf Boufath

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى