مبارك وساط - كيف لي…

كيف لي…
ـــــــــــــــ
كيف لي أن أنهي قصّة الأميرة ذات الهمّة وولدها عبد الوهاب في ليلتي
هاته التي يُضيئها فحسب بُؤبؤا عصفور؟
لن أبحث عن جواب ما دامت هذه الرّيح البطيئة لم تنته من مسح العرق
عن حصاني المطاطي المركون قرب النّافذة. حقّاً، كانت لي ريشات هنديٍّ
أحمر حول رأسي، لكنّها سقطتْ منّي ذاتَ صباحٍ في حقل جدّي. حدث هذا
منذ وقت. وكلّما فكّرتُ في العودة إلى ذلك الحقل لأجلب منه ريشاتي،
يتعالى الصّفير في أذنيّ. جدّي كان معروفاً بشدّة صفيره. بطلاً في ذلك
الميدان كان. تسمع ناقتُه صفيرَه من بعيد فتُقْبِلُ نحوه مسرعة راضية.
والعجيب أنّي، في العديد من المرّات، ما إن كنتُ أغذّ السّير في اتّجاه ذلك
الحقل حتّى أعرّج على أشجار أحسبها حزينةً فأودّ لو أواسيها ثمّ أمرّ بجنبِ
كهف فيبدو لي متحفاً للصّافرات، وكنتُ بالفعل أرى فيه صافرات من أقدم
العصور وأخرى من أزمنة قريبة أو حتى من عصرنا!
ومرّة، كنت أمضي في اتّجاهِ الحقل الذي سقطتْ فيه ريشاتي فرأيتُ ما
حسبته قبّةً من حرير نازلةٍ أطرافُها المُلوّنة إلى مستوى أدنى من مستوى
رأسي، فدلفتُ تحت تلك القبة لكنّي بعد لحظات اكتشفت أنّها ليست قبة
بل تنّورة أسطوانية يتبدّى من تحتها ردفان مكوّران جميلان وفخذان
صقيلتان تسرّان ناظريّ.. أتلبتث قليلاً لأستريح بين تينك السّاقين. ( يجب
الإقرار بأنّي كنت طفلا صغير حجم الجسد وقتها). وإذ تدفّئُني سخونة
المكان بما يكفي، أخرج من تحت التنورة وأتطلّع إلى فوق، فأرى وجهاً
أنثويّاً جميلاً يبتسم لي.
ومرّة كنتُ سائراً صوب حقل جدّي لأجلبَ ريشاتي لكنْ جاءتني أحلامٌ من
أعشاش وشرعتْ في الطّبطبة على كتفيّ. ومرّة التقيتُ أبي وأنا في
طريقي إلى ذلك الحقل فقال لي: تُضيع وقتك في البحث عن ريشات بلا
قيمة. لو أنّك في غرفتك تُراجع دروسك، أو على الأقل تلعب مع أقرانك
تحت الأشجار. هكذا عدت إلى البيت وفتحت قصة الأميرة ذات الهمّة
وولدها عبد الوهاب على الصفحة التي كنتُ متوقّفاً عندها!




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى