د. رسول محمد رسول - أنوثة الأناقة الباذخة "ليس من مُستحيل.. هاك أجنحتي" قراءة في تجربة الشاعرة سجال الركابي

سجال الركابي (كربلاء) شاعرة عراقية وفيرة الكتابة عبر دواوينها متعدّدة الصدور منذ سنة 2013 دواوين هي بما يقرب من ستة وغيرها بالتشارك. وكانت سجال تخرّجت سنة 1980 بتخصّص علم الخلية وصولاً إلى نيلها درجة الدكتوراه فيه ولها بحوث رصينة في هذا المجال.
شعريا لنا أن ننظر في قصائد ديوانين لها هما: (هاك أجنحتي) والصادر عن دار أمل الجديدة في سوريا سنة 2017، وديوان (من فزّز الرماد!؟) والصادر عن دار ليندا في سوريا سنة 2018 وفق قراءتنا التأويلية التي تعتمد "النقديّة الحميمية" وليس مناهج نقدية أخرى سائدة هدفها قتل النص الشعري والطعن بالتجربة الشعرية وربما ذبح الشاعر!!
التلاشي.. والإنقاذ!
تعيش الذكورة في أماميّة وجدان الشاعرة حتى تخاطبها في شعرها لتجد متسعاً لها في عمومه:
"أتلاشى... سحابة نجم
فهل...
وصلتُ سماواتِكَ...؟!".
ولهذا تحتاج الأنثى في وهج الشاعر وإلى مزيد صبر فتقول ذلك شعرا:
"وإن اجتاحَ الصمتُ
حرفاً سامِقَ الكِبَرِ
ففي القلبِ طِفلٌ لا يخون
ما عادت الروحُ تسعُ
غُبارَ طلعِ الكَمَدِ
أيُّها الصبرُ... ترجّل".
والأنوثة التي تسعى إلى الصبر أن يترجّل أمام كينونتها وفي ذاتها ليقف الوجع وتخاطبه:
"تَعَالَ نوسّع فسحة الأمَل".
وهل هناك أجمل من التشارك مع الذكورة في وجود الحياة لكي نقوّم حال العلاقة الإنسانية؟ نقرأ ذلك في القصيدة التي حملت "عنوان" ديوانها (هاك أجنحتي)، ولنقرأها على مهل:
"مهما يكن...
هنالك يوم جديد
أناملُ المطر ترتشفُ
صمتَ الدموعِ الغاضبة
بنثيثها الساهي آمنت...
ليس من مستحيل هاكَ أجنحتي... ...
ممحاتي... ... فرشاةَ ألواني
نرسم وروداً بيضاءَ الحدقات ينابيعَ زلال
قد تُزهِرُ الأماني وهيَ رميم تَعَالَ نوسّع فسحة الأمَل
تعالَ... ولا تنسَ.. مُبيد الأدغال المتطفّلة".
وعلينا أن نقرأ انحسار المستحيل في الذات/ القصيدة؛ إذ "ليس من مستحيل هاكَ أجنحتي... ..." كما تقول، هكذا تخاطبه، فأجنحة الأنثى هي مقاومة صلدة، وأحياناً عنيدة، مقاومة لإنقاذ الذكورة إذا ما تهاوت أو كادت أن تسقط إلى الهاوية، وهل في ذلك السقوط سوى أنثى للإنقاذ؟
ضحكات الجمال
تلامس الشاعرة ضحكات الجمال لكنها لن تجده ماضيا على السطوح فتراه تحت الجلد خبيء الكينونة يداعب الروح بغية الوحدة التي ترومها مع الأشياء العاطرة فقالت:
"الجمال
تحت الجلد يختبئ
حينَ في الروح نورٌ لينطفئ
أزّخُ مودّتي ندىً
فأصيرُ والورد واحد".
تفتح أنوثة الشاعرة مع مفردات الطبيعة الغناء حوارها الذي لا يخلو من حزن الذات في وهجها أو الذات في أن تكون هنا أو هناك..؛ ففي لحظة كانت الدنيا على وشك المطر وجدت الأشجار يحدوها أنين سقوط حبّات الأمطار على أغصانها فهمي الدمع حين يلمسها المطر فسرعان ما تجد الشاعرة ذاتها سائرة إلى حزن كوني يهيمن على روحها فاعتصرت، هذه الروح، فكتبت الشاعرة ذلك قائلة:
"كانت الأشجار تهمي الدمعَ
حين يلمسها المطر
يجيبُها
حزنُ الكونِ في روحي
ينابيعَ أزَل".
وفي ديوانها (منْ فزز الرماد؟) لا تبارحها أنوثتها فتدعوا الذكورة إلى الاقتراب وعدم الفرار عنها بعيداً حتى تقول:
"إقترِب... نستضيء
بلهيب لحظةٍ".
وفي قصيدة تالية، تكشف عن معاناة الوحشة التي تعانيها فتطلب من ذكورة الوعد أن تدلها على الدرب...؛ بل على اليقين:
"دلّني
الوحشُة تأكلني بقهقهتها المُتنمّرة".
بل تصف الشاعرة مأساة فيما تعيشه فتقول له:
"الدربُ أفعى بألف ناب جرّحت قدميََّ الواهنتين
هلا نَثَرتَ حنانَ آسً".
ويا لها من ذكورة دافئة تنثر الحنان الآس للأنوثة المضطهدة في دروب الحياة تلك التي تراها الشاعرة فتتمثلها شعراً في قصائدها؛ بل قل كما قالت وهي تخاطب الذكورة المعنية:
"يا أنتَ الذي أنتَ
أغدقني
أغدقني
أنا الهيمانةُ.. بين الهُنا ...و الهُناك ...".
إن تجرية الشاعرة سجال الركابي ثرية الطبقات متنوّعة في إبداعها تمتد الى المعنى فتغنيه، وهي تجربة تحتاج إلى قراءة تكشف عن مزايا الإبداع فيها بعيدا عن خطل القراءة النقدية لذلك تأملنا فيها ضمن قراءتنا النقدية الحميمية.




د. رسول محمد رسول


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى