إدريس علي بابكر - بنت الخواجة سايمون ( قصة قصيرة)

الخواجة سايمون صاحب العينين الخضراوين آت من بلاده مترأسآ العمل التطوعي و الإنساني، قدم خدمة جليلة للمحتاجين و المنكوبين بإخلاص دون تحيز بذل أقصى طاقة إيجابية ممكنة تجاه انسان هذا البلد، لازمه والدي كظله مترجمآ في حياته العملية صارت فاتحة العمل عربونآ للصداقة.
الخواجة احب البلد و أهل البلد في فترة وجيزة أصبح يلتقط بعض الكلمات العربية بعجمية مشربة، يجد صعوبة بالغة في مخارج بعض الحروف الأبجدية.
دعا عائلتنا الكريمة إلى مائدة عشاء بمناسبة قدوم عائلته الصغيرة إلى بلادنا لم يكن منزله بعيد عنا في الخرطوم، ارتدينا ملابس زاهية باناقة كأننا مبعوثين لتمثيل دبلوماسي أنا و ابي و امي، بينما اعتذرت أختي كانت مرتبطة بموعد مع صديقاتها، أبي مهتمآ بالزمن المحدد ربما يدرك ان الخواجات منضبطين في موعدهم عكس أبناء البلد. اول ما وصلنا إلى منزل الخواجة في تمام الموعد، في داره الواسع و الجميل ذو التصميم المدهش للغاية قيل أنه ملك لأحد المسؤولين الحكوميين، يقبض ثمن إيجاره بالعملة الصعبة، وجدنا كل شيء مرتب للغاية الخواجة سايمون و زوجته و بنتهم الوحيدة، جلسنا على مائدة العشاء الفاخر، ما عرفت عنهما ان زوجته و بنته لأول مرة يزوران بلد في أفريقيا، تناولنا العشاء مع صوت الموسيقى الهادئة، الخواجة سايمون و أبي كانا يتحدثان بثقافتهما العالية في مواضيع شتى لا صلة لنا بها لذا أمرني أن نستنشق الهواء الطلق مع بنته في الحديقة فهي خلال الفترة القصيرة اشتكت من الوحدة و الانعزال.
جلسنا انا و ليزا على الارجوحة نتجاذب أطراف الحديث تعرفنا مع بعض كمعرفة شباب تشغلهم الدراسة و تملكهم الأحلام، شعورها نحو بلدي مخيب لم تتوقع بلادنا متواضعة الخدمات و البنية التحتية منهارة ثم اردفت قائلة : كان أبي يحدثنا عن جمال بلادكم الغنية يبدو أن الجمال في نفوسكم و ثروتكم مازلت في باطن الأرض،سرقنا الوقت و اهبنا بالمغادرة تبادلت معها أرقام الهواتف ثم مدت لي يداها الجميلتين قالت لي اتمنى ان تكون صديقآ عزيزآ في هذا البلد، هذا الحديث ذو شجون لم يعجب امي لاحظت التبرم في وجهها لكن أبي متحرر لا يدخل كثيراً في الشأن الشخصي.
عند عودتي إلى البيت و أنا على فراشي لم تبرح تلك الفاتنة خيالي بشعرها الطويل و جمال جسمها البط و الوجه الندى و النهدين المكورين مثل الرمان، شعرت بحلاوة الانتعاش، كل مرة اصحو من نومي اتخيلها بقربي توهمت و انا إقرأ مستقبلي البعيد.
بعت حبيبتي إخلاص أصبحت لا استجيب للمكالمات لقد تجاهلتها و نسيتها تمامآ ، لا أعرف من أين أتت الجرأة هل هو الحب الأعمى! أذهب إلى ليزا في بيتهم و أقضي معها وقتآ ممتعآ، ألعب معها البلى أستيشن و البنك بون و لعب الورق هي تجيد كل الألعاب بمهارة حاذقة تتفوق على و لكن استعصت عليها أن تهزمني في لعب الورق.
ذات يوم كنت العب معها الورق تعلمت من عمي المغترب الخبايا و الأسرار في اللعبة لقد كان مجنون بها، أثناء جلوسنا على الطاولة ليزا تلعب معي ند لند لقد فطنت لنقطة ضعفي لكني خصم لدود لا استسلم بسهولة، هذه المرة هزمتني في آخر لحظة، و هي منتشية بالنصر تصرخ.. واو... واو... مدت ذراعيها و كمشت رجليها في الكرسي كزاويتان منفرجتان، انحنيت لكي التقط الورق الذي سقط على الأرض يا إلهي لقد رأيت كل شيء بعد ما انسحبت التنورة القصيرة إلى أعلى، في تلك اللحظة الجنونية حاولت ترويض شهوتي الجامحة ثواني معدودات مررت باصعب تجربة و اجتزتها، شعرت أني مهزوم مرتين على أن أقبل خسارتي بروح رياضية.
،بعد ما فارقتها في تلك الأمسية المنكوبة في منامي نازعتني الهواجس و الظنون، أول ما أشرقت شمس الصباح وجدت نفسي قد بلغت الإحتلام.
لم احب من جنس النساء إلا غيرها، ليزا تخرج معي إلى الحدائق و المنتزهات و الملاهي، لقد اضأت دنياي ، بينما كنا نسير معآ ليلآ في شارع النيل و هي ممسكة بيدي، لم ننجو من عيون الفضولين و غيرة الفتيات هي لم تكن مهتمة بما حولنا، عكسي أشعر كل العيون تراقبنا، فجأة التف ذراعيها حول عنقي بحنان صرت ابعث بشعرها الطويل التي كانت تبعثره نسائم النيل، حقآ لحظة جميلة لا توصف لولا بوق مزعج من عربة الشرطة عكرت الأجواء، نزلوا منها جنود كالذئاب الجائعة حاملين العصي و التفوا حولنا كان شعورنا مثل غزال وديع ، كادوا أن يفتكوا بنا لولا اوقفهم القائد بإشارة من يده ثم صرخ في وجهي ماذا انت فاعل ببنت الناس! ألم تعرف إن هذه الأفعال منافية للقانون؟ سألتني ليزا من هؤلاء و ماذا يريدون منا هل سرقت شيئآ يا صديقي؟! رديت عليها هؤلاء هم شرطة النظام العام شرحت لها دورهم الاجتماعي لحظتها انفجرت بالغضب أول مرة أرى ليزا منفعلة بهذا الضيق و الانزعاج، تكلمت معهم غاضبتآ بالإنجليزية لماذا لا تهتموا باقتصادكم المنهار و تشغلوا أنفسكم بأشياء لا تقدم و لا تأخر، لم يفهم الضابط اللغة التي كانت تتحدث بها، سألني ماذا قالت حرفت كلامها بالجمل اللطيفة رأيت الإنكسار في وجهه بعد ما علم إنها أجنبية منتمية لدولة عظيمة لحظتها عزف لحنآ ناعمآ يوصينا باحترام الذوق العام ثم اعتذر لنا و أمرنا بالانصراف ثم رجع الجنود إلى عربتهم يجرون اذيال الخيبة.
كل ما تجولت مع ليزا في الأماكن العامة و حين يأتينا شعور بالانصهار و الذوبان نتذكر ذاك الموقف المحرج صار طرفة للضحك.
لقد تمت ليزا إجازتها الصيفية تزامن ذلك بانتهاء خدمة والدها من البلاد، ذهبنا انا و والدي لنودعهم في المطار انتابني شعور مفعم بالمرارة لم أبوح لها يومآ ما بالحب و لكن متأكد إنها تعشقني بدون تفسير، كانت لحظة صعبة و هي تلوح لي بالوداع.
عدت إلى البيت اتذكر ليزا التي رحلت عني كالطيف الجميل، أنا على يقين انها ستأتي يومآ ما و تقتحم حياتي من جديد، كنت أقلب في الصور و اتمعن في وجهها الصبوح حتى لاح الفجر.
بعد مدة قصيرة فتحت الايميل رسائل كثيرة في بريدي الإلكتروني أول ما قرأت إسمها ليزا تجاهلت باقي الرسائل نص الرسالة.
صديقي عبدو بعد التحايا و الاحترام.
لقد قضيت في بلدكم وقتآ ممتعآ مع أهلها البسطاء الطيبين، مما خفف عني حدة حرارة الشمس المحرقة، لقد وصلت إلى بلدي بالسلامة و حكيت لهم عن التجربة الثرة و اختلاف الثقافة و التقاليد، أود أن احيطك علمآ لقد تم خطبتي مع حبيبي ديفيد و اتفقنا على الزواج مطلع الربيع القادم، كم تمنيت أن تكون حضورآ في زفافي و دمت صديقآ عزيزآ.
التوقيع ليزا سايمون.
اه انهار صرح أحلامي و انا اردد في أسم ديفيد عدة مرات تخيلت قلمي سكينآ لحظتها راودتني فكرة القتل.


إدريس على بابكر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى