شريف محيي الدين إبراهيم - صديقي.. قصة قصيرة

يتحدث قليلا، لكنه حين يمسك بالقلم، يناطح السحاب ويغزو الشمس والقمر .
صديقى ....
يطرق عوالم بعيدة، يلهث دائما خلف، أحلامه،يغوص كثيرا بين لوحات بيكاسو وفان غوخ، وتماثيل ليوناردو .
يطارد أبطال كافكا وماركيز،ويصاحب توفيق الحكيم ،ويتشاجر كثيرا ،مع ألبير كامى،وماركس ...
يهيم مع موتسارت ،ويحلق مع بيتهوفن، ويستيقظ مع سيد درويش. صديقى ... يحفظ القرآن والإنجيل والتوراة.
يعانق تمثال الحرية، ويرتقى هرم خوفو.
يطوف دول العالم شرقا وغربا. ...أمريكا والهند وروما... باريس ومكة والمغرب .
يكتب شعرا ،أو نثرا.
يعزف أو يرسم، أو يغنى ...
عندما أحبته كل نساء المدينة،جعل يبحث عن أجملهن !!
بيضاء أم سمراء؟ !
رشيقة أم ممتلئة، متمردة أم مطيعة؟ !

صديقى ...
يعاشر كل يوم ألف امرأة ،ولازال يجهل أيهن المثلى! !

صديقى. ..
سألوه ،يوما عن الإله !!؟
ولكنه صمت كثيرا ،ولم يجب !!
وعندما ألحوا فى سؤاله ،أجابهم على مضض : لازلت أبحث عنه !!
ساروا خلفه...
آلاف من المعجبين والتابعين ،فى رحلة غرائبية ولكنها مدهشة.
طالت الرحلة بين الكواكب والنجوم.
الواقع والمستحيل...
الروح والجسد. ..
ونفوس تتغير !!
لوامة يوما. ... راضية يوما. ... ضاحكة. ...باكية. ..حائرة.
صديقى ...
يتكاثر حوله المريدون كما الفراش المبثوث فوق الجبال، كالعهن المنفوش.
يملأون مكتباتهم بكتبه العميقة، ويزينون شوارعهم برسوماته الجميلة ... وتصدح إذاعاتهم بأغانيه وألحانه الساحرة.
حتى أنهم وضعوا له تمثالا كبيرا فى كل ميادين شوارعهم..
صديقى....
عندما يقف على مشارف الحقيقة.
عندها فقط ،يمضى وحده .
و حين يبحثون عنه ،ولا يجدونه بينهم. تتملكهم الحيرة ويعتصرهم الحزن إعتصارا ، يتشتت جمعهم ويتفرق شملهم ، يذرعون الأرض ذهابا وإيابا. ..
ينادونه من شرفات المنازل، من فوق كبارى الطرقات ،من الشوارع ومن فوق التلال والقباب والأبراج .
أعلنت كل النساء الحداد ،وأرتدين السواد .
ذرفن الدمع حتى أضحى أنهارا ، ولم يسمحن لرجل من بعده أن يمس شعرة منهن.

بات الجميع يتساءلون فى حسرة:
هل يمكن أن يكون قد ضاع منهم إلى الأبد ؟!
بعد لأى، جاءتهم امرأة، ما !!
غامضة ما !!
ساحرة ما !!
لا أحد يعرفها ، لا أحد رآها من قبل قط.
ولكنها كانت جميلة ،وذكية إلى حد الفتنة.
قالت لهم : عندى أنا اليقين .
نظروا اليها فى دهشة !
سألوها :أين هو ؟
أخبرتهم فى هدوء مريب : لقد طار شعاعا .
(مهداة إلى صديقي . .الشاعر محمود عبدالصمد )

.............................

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى