مقتطف شريف محيي الدين إبراهيم - ثالث الأنبياء

من كتاب رحلة إلى شاطئ النار والنور
.

هو ثالث أنبياء البشريّة بعد آدم وشيث عليهما السلام، وقد اختلف العلماء في مكان ولادته، ما بين بابل العراق، ومصر.
، دعي أهل بابل إلي الالتزام بشريعة آدم، وشيث، عليهما السلام ولكن لم يتبعه سوى عدد قليل منهم، ، ممّا دفعه إلى التوجه إلى مصر .
وفي مصر استقر به المقام، وقد كان زاهداً، يدعو إلى الأعمال الصالحة، وعدم التمسك بالدنيا الفانية،والأخذ بمكارم الأخلاق ،والتزود بالعمل الصالح للآخرة.

هو إدريس بن يرد بن مهلاييل، ويُعرف أيضًا باسم أخَنوخ، ووجه تسميته إدريسًا أن الاسم مأخوذٌ من الدَّرس والدِّراسة لكثرة دراسته وتفكره وتأمله في الصحف المُنزلة على آدم وشيث، عليهما السلام.
ذُكر سيدنا إدريس بالقرآن الكريم، صديقاً نبياً “اذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا “ سورة مريم.
وقد أدرك إدريس من حياة نبي الله آدم عليه السلام ثلاثمائة وثماني سنين.
ذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه رآه في السماء الرابعة، في رحلة الإسراء والمعراج، فما رُوي عن ابن كثير انه قال (لما مر عليه الصلاة والسلام بإدريس قال له مرحباً بالأخ الصالح، والنبي الصالح، ولم يقل كما قال آدم وإبراهيم، “مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح”.
قال فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قالا له)
وإذا كان إدريس زاهدا في الدنيا يدعو إلى عدم التمسك بها والاهتمام بالآخرة، إلا أنه مع هذا كان يأخذ بالأسباب، ويهتم بالعمل الجاد، والبحث والدراسة والسعي الدائم إلى عمران الأرض، فقد برع في الخياطة، فكان أول من ابتكر الإبرة، وصنع الثقب الذي يمرر من خلاله الخيط للحياكة.
كما ذُكر أنه كان عالماً بالنجوم والحساب وعلم الهيئة.
و كان أول من وضع أسس الحياة المدنية، وكيفية تخطيط المدن فبنت كل فرقة مدينة فظهرت 188 مدينة.
كما كان أول من صنع الأدوات والآلات.
وكذلك فقد استخدم الدواب والخيول للهجرة، والجهاد في سبيل دعوته لعبادة الله الواحد الأحد.
ولقد عُرف عن إدريس عليه السلام أنه اشتهر بالحكمة ، فكان يقول” من أراد بلوغ العلم وصالح العمل، فليترك من يده أداة الجهل وسيئ العمل،فحب الدنيا وحب الآخرة لا يجتمعان في قلب أبداً”.
خلدت معجزة سيدنا إدريس قصة وفاته، فلم يتوفاه الله في الأرض، وإنما رفعه إلى السماء، وأراه كيف يكون الموت، وكيف تكون النار، وكيف هي الجنة بوحي منه عز وجل.
كما أن هذا النبي الكريم، له أثر عظيم في تاريخ مصر وحضارتها، فيقول العالم الجليل الشيخ علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر :
هناك كثير من الأقاويل التي يرجحها العلماء، أن نبي الله إدريس هو من بدأ بناء الأهرامات وعلم التحنيط، وأن وجه تمثال أبو الهول في مصر هو وجهه.
كما ذكر أن النبي إدريس اسمه "أخنوخ" في التوراة، وهو هرمس الهرامسة أي حكيم الحكماء، فهو أول من خط بالقلم وخاط الثياب، وهو مثال للحكمة والعلوم الرياضية والفلكية.
"كما أن هناك أقاويل تشير إلى أن إدريس هو نفسه أوزوريس الذي تتحدث عنه البرديات الفرعونية".

تعليقات

أعلى