محمد الرياني - أوهام..

يمسكُ الظلَّ قبل أن يهرب، يحضر مع الشمسِ حتى يضمن الظلَّ الكامل ، يقبضُ بيديه على طرفِ الظلِّ ويغمضُ عينيه وهو يستروحُ نسائمَ الصباح، يشعرُ بالحرارةِ قد امتدت إلى يديْه فينهضُ جريًا ليلحقَ بما بقي من الفيء، يقبضُ عليه بقوةٍ وتستمرُّ الشجرةُ ساكنةً دون أن تتساقط أوراقُها ، يواصلُ الإغفاءةَ في غمْرةِ دَوران الشمس، يعودُ ليجدَ الظلَّ قد اختفى، يبحثُ عن مَخْرجٍ أو بقايا ظلٍّ فلا يجد إلا دائرةً تحيطُ بالمكان لاتستطيعُ قبضتُه الإمساكَ بها، تمدَّدَ على الأرض ينتظرُ غيابَ الشمسِ أو ولادةَ ظلٍّ جديد ، توافدوا نحوه يضحكون عليه، صاحوا بصوتٍ واحد : أَفقْ يامجنون!! مَنْ مثلُكَ يُطاردُ الظل، أرادوا مساعدتَه وإخراجَه من جنونِه، استأصلوا الشجرةَ ليموتَ معها الظل، نظرَ إلى يدِه التي كانت تُحكمُ قبضتَها على الفراغ، أمسكوا به وأعادوه إلى عالمِ العقلاء، فرحوا لمَّا رأوه استجابَ لهم بهذه السرعة، اختارَ في يومٍ لاحقٍ وقتَ انتصافِ الشمسِ في السماء، بحثَ عن ظلٍّ آخرَ فلم يجد سوى السراب رآه يلمعُ كالماءِ فافتتنَ به، جرى إليه قبل أن يختفي، ظلَّ يدورُ حولَه ليمسكَ به فلم يستطع، ضربتْ رأسَه أشعةُالشمسِ بفعلِ حرارتها، جاءوا مسرعين ليعيدوه إلى رُشدِه، وجدوا يدَه مقبوضةً كما كان يفعل بالظل، لم يفعلوا له شيئًا، حملوه وأعادوه وبه بقايا روح ، وجدوا ظلًّا آخرَ فوضعوه تحتَه، فتح عينيْه ويده لاتزالُ مقبوضة، سقوه ماءً حقيقيَّا ليميزه عن السراب، شربَ حتى ارتوى، عادتْ إليه بعضُ أنفاسِه، أرخى كفَّه ليصافحهم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى