محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - ادركوا انهم خاويين

ادركوا انهم خاويين
وادركوا الركعة الاولى لجنازة السيدة
الشجرة
تلك التي فتحت ساعديها واوراقها للشتاء
وخانها في نهاية الصيف
ادركوا كل شيء
حين اشار الليل باصبعه نحو البحر
فعطشت
غابة الكلمات
في جوف شاعرٍ مُنتحر
هل يموت الشاعر ؟
مثله مثل كل الاماني الصغيرة ، الغُرف الهلعة من اصطدام النوافذ بالجدران ، الكوب الذي يلفظ اخر رشفة للقهوة ، الجرس الذي يرن ليخرجنا من فوهة الجدران
هل تموت الاشياء مثلنا ، ومثل ذلك الشاعر
ادركوا أن قبراً بعيداً حفر نفسه
لا لشيء ذو نُعش
بل ملء الموت
الموت الكثير فانتحر
تمزح الاستعارة فحسب
ادركوا أن ظلال الحروف اكثر وضوحاً من شمس ايلول ، ومن انسكاب الرأس في دوار النبيذ ، ومن ارتعاش امرأة بلغت القُبلة الاولى لتوها ، ومن حداد المسافر على الذاكرة
ادركوا أن السماء اقرب من اي شيءٍ اخر
إنها فوق كتف الجندي
ذو النجمتين
ادركوا أن ميلادهم محض لعنة ، فعادوا مستوي الحواس والبلوغ
كي يطرقوا الباب
كي يطلبوا نُزهة في الفراغ
كي يجمعوا ما نسوهوا هناك
عادوا ولكن
طفولتهم لم تكن في المزاج الملائم للتعري الاول
ادركوا اي فخِ هو الحب
فقرروا منذ إن انزلقت ايدي الحبيبة عنهم
أن لا يسمحوا للاصابع
مهما اشتهوا ، قطف تُفاحةُ ، او بعض الخطايا
أن لا يسمحوا للاصابع
أن تنمو لاكثر
من مُصافحة عابرة للسراب
ادركوا أنهم لم يكونوا هنا ذات يوم
بل زور اسمهم
قاتل
لكي يحتفل باكتمال العدد
ادركوا أنهم
لم يرتدوا اي شيء منذ عرفوا الطريق اللطيف للقصيدة
عرايا ينامون
عرايا يساقون الى المشنقة
عرايا يُقيمون عُرس المدينة على بحرها
عرايا يصلون اشواقهم ، وينسون ركعة وبعض القُبل
عرايا يغنون
تعري الصبايا ، وغباشهم ، والجرس المدرسي
وغدٍ عابس الوجه يطهو مشانقه بمزاج انثوي
عرايا
يجيئون من حيث لا شارعُ يُفضي الى مرحلة
عرايا يصَلون الى حيث لا احدُ ينتظر
عرايا
يجربون حشر المسافة في سراويلهم
عرايا يُدركون أن سروالهم عار ، لم يرتد سرواله منذ اكثر من قصيدة
عرايا ولكنهم رغم انف الفضيحة
يُقيمون
حفلُ تنكري
كي يرتدوا ، ولو لمرة وحيدة
شيئاً من الزيف
ادركوا أن لرداف الجارة ذاكرةُ لا تنام
ادركوا أن الحبيبة اما سلامُ بطولي ، واما حربُ المُنهزم فيها هو المحتفي بالنبيذ القتيل
وأن القصيدة
" المنفى الوسيم "
ما إن تزورها الا وادركت أن نجوم البلاد البعيدة
تجرح
اكثر من الذاكرة
ادركوا أنهم لم يكونوا ارقاء ، وأن عصر العبودية إنتهى
ولكن
إلهُ قديم ، قد شرع الطوق
فعادوا ليبعبدوا
طوقهم
ادركوا ان السجن اكثر اتساعاً ، من صباحٍ لا يقود الى موعدٍ
في تمام
التعري عن الاحذية ، وارتداء المشاوير القديمة خارج الكارثة
وأن النوم في تمام المنافي ، كحُلم الشياطين بالمغفرة
وأن رسالة من كلمتين
قد تُقلم عن الرأس صخب المواعيد ، تُعيد ضبط الصباح مثلما كان
شمساً
وقطة تتمرن على إلتهام الظهيرة
وطريق وظيفته تسيرنا ، لا السير فينا
ادركوا
أن البلاد تدخر للهاربين التذاكر قبل الولادة ، وللعائدين المشانق ، وللعاشقات ليلاً
شهوة من بخار ، لا تنتهي بل تجدد غيومها لكي تنسكب من جديد

# عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى