علي خليفة - مسرحية الإنسان والسلاح لبرنارد شو

تعد مسرحية الإنسان والسلاح من أوائل المسرحيات التي كتبها شو - فقد كتبها سنة ١٨٩٤ - وهي في الوقت نفسه من أكثر مسرحياته إضحاكا عند عرضها على الجمهور، وقد نقد فيها شو الحروب، فرأى أنها ليست بالضرورة تعبر عن أبطال حقيقين، فقد يكون من ينتصرون فيها - أحيانا - هواة مدعين، ولكن الحظ يحالفهم، كما انتصر الضابط سيرجيوس قليل الخبر العسكرية في إحدى المعارك بفرقة معه من البلغار على بعض الأعداء من جيش من الصرب.
ونرى في هذه المسرحية أربع شخصيات رئيسة، هي بلنتشللي ورايينا، وسيرجيوس، ولوكا، أما بلنتشللي فهو ضابط مرتزق سويسري، ترك فنادق أبيه والإشراف عليها، واختار بإرادته أن يكون جنديا مرتزقا يعمل لحساب من يدفع له، وليس عنده عقيدة تلزمه في الحروب التي يخوضها سوى المنفعة الشخصية، ونرى بلنتشللي يعمل لحساب الصرب ضد البلغاريين، وتهزم الفرقة التي كان مصاحبا لها؛ لوصول ذخيرة للفرقة التي يقاتل فيها غير مطلوبة على سبيل الخطأ، فيفر من أرض المعركة، ويتصادف أن يصعد على ماسورة لأحد البيوت، ويدخل حجرة نوم رايينا بيكتوف - ابنة أحد كبار الضباط والأثرياء في بلغاريا - ويهددها بالسلاح في البداية حتى لا تشي به، ثم يسلمها أمره، ويطلب إليها حمايته، فتستجيب له، وينام على فراشها، ثم تعطيه في صباح اليوم التالي سترة والدها الصوفية الزرقاء؛ لتكون وسيلة له في النجاة من المتربصين به من الجنود البلغار.
وتنتهي الحرب بعد ذلك، ويعم السلام بين الصرب والبلغار، ويأتي بلنتشللي إلى بيت بيكتوف؛ ليعيد لرايينا السترة التي أخذها منها، ويستعين به والدها في تسوية بعض الأمور العسكرية التي عجز هو ومساعدة سيرجيوس في تدبيرها، وينتهي الأمر به بإعلانه رغبته في الزواج من رابينا بعد أن انسحب سيرجيوس من خطبته لها، ويرضى والدها ووالدتها عنه بعد أن يعرفا أنه ورث ستة فنادق عن والده، وأن عدد الخيول التي عنده أكثر بكثير من عدد الخيول التي عند بيكتوف وأسرته، وتبدي رابينا رضاءها عن هذا الزواج.
وبلنتشللي شخص واقعي ومتهور أحيانا، ولديه معرفة عميقة بالحياة، ومن الغريب أن شو صوره - وهو الجندي المرتزق - على معرفة أكثر بالحروب والقتال من الجنود النظاميين البلغارييين في هذه المسرحية، وربما قصد برنارد شو سخريته من كثير من الحروب التي كانت تجري في أوروبا في ذلك الوقت.
أما سيرجيوس فهو شخص من أصول نبيلة، وهو يعتقد أن أصله النبيلة مسوغ له ليكون مقاتلا عظيما، وعاشقا مرغوبا فيه، ولكنه عند المواجهة يظهر ضابطا مندفعا، لا علم له بالقتال، ومع ذلك فقد ساعدته الظروف فانتصر، وظن لهذا أنه بالفعل ضابط قدير، ولكنه حين علم بعد ذلك أن أعداءه الذين قاتلهم قد وصلتهم ذخيرة غير مطلوبة عكس ما يريدون، وكذلك حين قارن نفسه بقدرات بلنتشللي العسكرية - أدرك أنه ليس ذَا كفاءة كبيرة في القتال، وأيضا انقشع عنه ما تصوره من إخلاص خطيبته رايينا له حين أخبرته الخادمة لوكا بعلاقتها بذلك الضابط السويسري بلنتشللي الذي نام في حجرة نومها ليلة، وهي تخفيه عن الجنود البلغار.
وسيرجيوس أحيانا يكون صريحا مع نفسه، فيعترف أنه ستة أشخاص مجتمعة، فهو أحيانا شجاع وأحيانا جبان، ويقول: إن له قلبا يمكن أن يحب عدة نساء، ومن الغريب أن التي تظفر به في النهاية الخادمة الظريفة الماكرة لوكا، فقد عرفت شخصيته، وتجاوبت معها، وجعلته ينجذب اليها.
أما رايينا فهي فتاة تبدو غير مقتنعة بخطيبها سيرجيوس، وتندهش حين تعلم أنه انتصر على رأس فرقة من الجنود البلغار على فرقة من الجيش الصربي، وتعرف بعد ذلك من بلنتشللي أن خطيبها هذا ضابط متهور، وأنه يشبه دون كيشوت، وأنه انتصر بالمصادفة فقط، وتعجب ببلنتشيلي الظريف الذي هو على قدر كبير من الصراحة التي قد تصل للوقاحة أحيانا، وترضى في نهاية المسرحية بأن يكون زوجا لها.
أما لوكا فهي في هذه المسرحية فتاة جميلة ذكية ماكرةمتطلعة، وهي أيضا فضولية جدا، وقد استطاعت بكل مؤهلاتها هذه أن تتخلص من خطبة الخادم نيكولا، وتتزوج من النبيل سيرجيوس.




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى