عبدالله عبدالإله باسلامه - رائحة!.. قصة قصيرة

كيس جلدي مبطن بفرو أحمر ناعم ، يفتح من الجانب بشريط أسود يتسع لشخص واحد ، الكيس متين ونوعية الجلد ممتازة جدا ،مع مخدة إضافية صغيرة، وجيب له بطانة بيضاء...
بنظرات متقدة حماسة يسترسل الشاب وهو يقلب الكيس بصعوبة أمام ركاب الباص الذين اكتضت بهم المقاعد لدرجة أصبح الالتفاف والحركة صعبة ، لكن كلمات الشاب ونظراته المتقدة جعلت الجميع ينظرون إليه، وتمتد يد القريبين منه لتتحسس الكيس بينما الشاب يحكي كيف استولى عليه....
قال..أنهم اغاروا بغتة علىأحد مواقع جيش العدوان، وتم قتل أربعة في محيط الموقع وثلاثة داخله ..
هتف أحدهم : الله اكبر ..
سرى الحماس بين الركاب، فالتفت الجميع نحو الشاب حتى خرج بعضهم عن نطاق الكرسي، وأخذوا ينصتون باهتمام .
ظهرت سلسلة على معصم الشاب أثناء حديثه تحمل رقاقة معدنية أخذت تعكس أشعة الشمس بين الحين والآخر على سقف وزجاج الباص فترتد على وجه الشاب فتبدو كأنها أضواء شاشة سينمائية تلمع فوق رأس بطل من عصور غابرة .
قال ..أنهم غنموا ما استطاعوا حمله، ومن بينها الكيس الجديد الذي لم يقض العدو بداخله غير ليلة أو ليلتين - رفع سبابته مؤكدا الاحتمال الأول - ثم خفتت نبرة صوته وهو يبتسم بتواضع : منحني القائد الكيس من أجل دفع نفقات السفر .
سرت همهمة بين الركاب، ولاحت بوادر سباق علاها صوت السائق بحزم : لن يدفع أحد أجرة المجاهد فهي على حسابي .
هتف الشاب منزعجا : لا والله ما يحاسب عليا أحد .
أسرعت بالعودة إلى المنزل ..فتحت السحاب وانزلقت بداخله، شعرت بثراء ونعومة الفرو، أدركت أن بطانة الكيس وحدها تستحق اكثر من الأربعة آلاف ريال التي دفعتها ثمنا للكيس ..لولا رائحة غريبة مبعثها ثنايا الكيس بدأت تزعجني .
اتسائل ترى بم كان يحلم العدو ليلة أمس ؟!
ربما كان يحلم ..بأنه فتح صنعاء، وعاد بالسبايا من جميلات صنعاء القديمة، وأخذ يسوقهن أمامه في شوارع الرياض أو دبي !!
أو ربما كان يحلم ..بأنه يسير في شارع كريتر ممتطيا صهوة حصان أبيض، وفوق رأسه تاج بلقيس، وفي يده صولجان الملك تبع.......
فشلت في تخيل ملامح وجهه لحظة أن انتزعه من وسط أحلامه فتى يماني هزيل الجسم حافي القدمين، بالكاد تخطى مرحلة المراهقة، حول معصمه سلسلة، وعلى كتفه بندقية، وفي رأسه زامل يردده طوال الوقت !!
حاولت المكوث داخل الكيس لكن دون جدوى !!
فقررت الخروج منه ،وتطهيره بالصابون، وتعقيمه تحت أشعة الشمس،فمن المؤكد أن أحلام العدوان هي مصدر الرائحة العفنة ! .


عبدالله باسلامه
2020م .




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى