محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - كان لي صباح..

كان لي صباح ، صباح مشمشي
وكنت طيباً
مثل ترحيل المدرسة
وصغيراً
مثل سندوتش تقتسمه صبية طيبة مع قطها
وكانت لي قطة
وكانت لي كثير من الطفولات
انتم قتلتموها ، لأنكم سمحتم لها أن تكون
ولم تعطوني البلوغ منذ الولادة
لهذا
صلوا كثيراً ليغفر لكم الرب
فانا لن اغفر
كان لي مساء مُراهق ، مثل حلمي المُراهق
مقاطع اباحية في هاتف نوكيا رديء بمشاهده المُشوهة ، رسالة حب مُرتجفة الخط ومتوترة النهد ، في الدرج الاعلى للخزانة
قنينة عطر رخيصة اهدتها حبيبة صغيرة مثلي
لا زالت تكشط عن صدرها ، حليب الطفولة
وكان عمود الانارة
في مؤخرة حيها
ينتظر قُبلاتي بين صلاتين ليليتين ، بعد الدرس المسائي
وكان جارها
من اعلى النافذة ، يستمني على قُبلاتنا
كانت لي حبيبة مُراهقة ، وجسد يتعلم أن يصبح عقيدة
انتم حطمتموه
لتبنو معابدكم
انتم اشتبهتم فيه ، في اعضاءه الصامته والمُندهشة
بروائحه الشبقة ، باحلامه الشرِهة
لأنكم كنت متدينون جداً ، حد أن شجرة توت اثمرت جسد مشنوق من عضوه
حولتموه لأله ، وذبحتمونا قِربانا لصمته
لن اسامحكم
فاقرأوا ترانيمكم ، وكتبكم الصفراء كثيراً
ليسامحم الرب
كانت لي لُغتي الناضجة ، راسي الاصلع
وقُبعتي المتفتقة ، كفروة المدينة
وفتاة ما
على المقعد المُقابل
تضع السكر ملعقتان
تضع علبة سجائرها ، والقداهة
تُدخن ببطء
كانت هنا ، ثم غالطتنا المقاعد ، بأننا لم نبلغ
ولم اكن انا هناك
ولم تكن هي هناك لتُدخن ، لأنها لم تنضج
كانت لي الطُرقات
والكيمياء المتسامحة ، و مُخيلة المُترنح
كانت لي كثير من الاشياء الجاثية على رجولتي المتقدة
كقلبي المُحترق
انتم
سخرتم مني ، قُلتم لم اكبر بما يكفي
لاُشاركها الطاولة ، وهي تضع السكر ، ملعقتان
على القهوة
وتشعل سيجارتها
وانتم قلتم ، أنني لم املك الجرح الكافي ، والألم الكافي لأثمل
انتم قلتم كل شيء عني
وقلتم أن الكاذبين الماهرين
هم من يملكون الحقيقة ، وانتم كاذبون سيئون
لن اُسامحكم
فامسحوا بولكم عن قصاصات الغفران وصكوكها
قد يسامحكم الرب
كانت لي حفيدة ، وشجرة نيمة
وشارب مُشذب بجهد عاطل ، وظهر منحني مثل حديث السماسرة
ولي زوجة رحلت
وتركت مشط شعرها ، وكرسيا دوارا ، واقراص السكر
ولي كلب
لم يكن وفياً جداً ، لكنه لم يكن بشرياً فشكرت حسن صنعه
وكانت لي قائمة اشياء طويلة
كُتب دوستفسكي ، كتب سارتر وكامي ، مسرحيات برشت ، روايات هرمان و غراس
وديوان " سناريو اليابسة "
وادوية السُكر
و كلب لم يكن وفياً ، ولكنه لم يكن بشرياً
حاولت أن اشكره
فرفع ذيله بحركة بذيئة
ولي النسيان ، ذاكرة متهالكة ، تُكرر الاشياء دائماً
ولي كلب لم يكن وفياً جداً ، لكنه لم يكن بشرياً
ليطلب الغُفران ، قبل الخطيئة
ولي النسيان ، ذاكرة مُتهالكة ، تكرر الاشياء
ويبدو انني نسيت أن اخبركم
كانت لي زوجة ، رحلت
تركت اصابعها على يدي ، تسحبني نحو الغُرفة ، تبدل ثيابي حين تتسخ
وتأخذني نحو فرشاة الاسنان ، نحو صابون الاستحمام
ولي حفيدة طافحة الانوثة
ونسيت
كان لي كلب لم يكن وفياً ، لكنه لم يكن بشرياً
ولي الزوجة كانت...
ولي حفيدة ايضاً وقد كانت طافحة الانوثة ذكرتني بزوجتي
التي رحلت ، تركت مشط شعرها .....
ولي ذاكرة تنسى وتكرر الاشياء
انتم من وضعتم في رأسي ذاكرة دائرية
لادور حول الزوجة والمشط والحفيدة
ولانسى دائماً
فاكرر
واكرر
لن اسامحكم ، فقفوا خارج المقبرة ، حين تُداهمني المشيئة
وحين اسقط
في فخ الغواية ، والحق بالزوجة التي رحلت
وتركت مشط شعرها ، والكلب
والذاكرة المتهالكة ، التي تكرر الاشياء باستمرار
مثل الكلب الذي ينبح في كل مساء ، لأن قطة عاشقة تزور مساءه يومياً
ولم يكن وفياً ابداً ، لكن من حسن الحظ لم يكن بشرياً
فشكرت صنعه
و ليسامحكم الرب
هذا ما تركه جدي ، الذي لم يذكر أنه يملك ضُعف نظر مع ضعف الذاكرة
لم تكن له حفيدة ، بل حفيد هو انا
و قد كان ذكرا لكنه مولع بالفتيات
و كانت له طفولة طيبة ، وله المُراهقة الشرهة
وله قطة
وله حبيبة مراهقة ، يُخطط ان يجعلها زوجة ، ترحل بعد مئات الشتاءآت
وتترك مشطها ، وكلبا، وذاكرة تُكرر الاشياء

عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى