هشام حربي - تسمع صرخةً في البحر .

عقدٌ من التبرير ، من وجع الترقبِ ، والكلامُ يحيط شمساً تحتفى بالصمتِ ، هل كانت تزيحُ النومَ بالترتيل ، تغطسُ كى تجربَ مطلعاً فى البحر تسبقه ببعض الوشوشات ، تكاد تسمعها ، فهل هذا يبررُ لى وقوفكَ ساعةً فى شرفة البيت ، السماءُ تعيد روحك للصفاء ، وتملأ الأسرارَ بالعطر، الكتابةُ تأكل النوم السخى وتفتح الجدران للحمم التى لا تبدأ الآن ، انتظارٌ سابغٌ يجتاح رأسكَ ، ليس يهمس مثلما قد كنتَ تكتبُ سابقاً ، صارت بداياتُ الكتابةِ مثل بعض الشىّ ، رائحة الشواء تفوح من حرفٍ يجرب صرخةً تغويه ، أخرج مُرغماً وأنا الذى فضلت دوماً أن أظل على حدود الصحو والإثبات والمحو ، القيامةُ جمرةٌ ، وأظل أنظر فى فضاء الليل ، تأتينى الكتابةُ حين أصرخ ، قد يقول الراصدون وماالذى يبغيه قلبك من صفيح الشىّ ، هل مازلتَ تكسركَ الفجيعةُ مثلما عاينتها ، وفقدتَ قلبك عندها ، وبحثتَ فى كل الدماء لعله ، ولعل بعضاً منه كان مُفتتا فجمعته ، وضربت وجهكَ فى زجاج الفجر تلتمس النجاة لعله ينهار ، فازدادت سماكةُ حائط الليل ، التفتتَ لصرخةٍ فى القلب تسألك الخروج ، فقلتَ سوف ننبه الرقباءَ ، سوف نعود للبيت الذى منه البداية فى الصِبا وإليه نرجع ، سوف نصرخ فى براح البيت ، هاأنت افترشت حروف معجمك ، التقطتَ فراشةً كانت تحوم ، وقلتَ للطير اتبعونى واسمعوا من غير ترديدٍ ، ستخرجُ صرخةٌ عاهدتُ قلبى أن أحررَه لها ، أو أن يحررنى بها ، وجلستُ انتظرُ الكتابةَ ، صرخة تحكى براهين القيامةِ ، ربما مازال يمنعها هواء البيت ، أخرج مرغماً والليل يوغل فى السكون ، لعله سيكون طقساً مغرياً لصراخ موجوعٍ ، وقفتُ وهكذا كان السقاة على سبيل النور دوماً وافقين ، يقول نجمٌ لايزال الصوت مكسوراً لتبدأ صرخةٌ ، ياليتها خرجت هنالك فى الفراغ بزهرةٍ حمراء تنشر نورها وخيوطها وأنينها وحضور موعدها ، وتفتح دهشةً فى القلب ، تعرف وهجها ، لتظل تسبح فى لظى بللورها وتظن أنك قد كتبتَ حروفها ، لكنها ملأتكَ بالصمت انتظاراً سابغاً ، جعلتكَ تسمع وشوشات البحر والأمواج تضرب فى ضلوعك ، تسمع الأشجارَ يعزفها صريرُ الريحِ ، تعرف صرخةً لم تكتمل أشراطها وتظل تنتظر امتلاء القلب بالبحر الذى ستقوم تصرخ عنده .
.
هشام حربى



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى