أشرف الخضري - يَوْمَ الْقِيَامَةِ.. قصة قصيرة

أَحْضَر عِيدٌ السَّاحِر ؛ الرَّجُل الْقَصِير الْقَبِيح ؛ ابْن الْخَمْسِين ؛ دَجَاجَة ستضع بَيْضَةً بَعْدَ سَاعَةٍ عَلَى أَكْثَرِ تَقْدِيرٍ ؛ طَلَبَ مِنْ مساعده خَيْطًا أَسْوَد وإبرة حِيَاكَة ؛ وَضَع وَرَقَة بَيْضاء أمَامه ؛ رَسْم طلسما ؛ كَتَب حُرُوفًا مُفَرَّقَة بِحِبْر الزَّعْفَرَان وَالْمَاء وَالْمِسْك ؛ قَرَأ تَعْوِيذَة ؛ أنْهَى عَمَلَهُ ؛ وَذَهَب الرَّجُلَان لِلْمَقَابِر ؛ فَتَحَا قَبْرًا وَتَرْكًا الدَّجَاجَة الْمَخِيطَة دَاخله وأغلقاه .
كَانَ الْعَمَلُ السَّحَرِيّ يَرْصُد فَتَاة صَغِيرَة حُبْلَى ؛ طَلَّق الْمِيلَاد طَرَق رَحِمِهَا اللَّيْلَة ؛ تُحَاوِل الدَّجَاجَة أَنْ تَبْيَضّ لَكِنَّهَا مَخِيطَة ؛ فتدور وتدور وتزعق دَاخِلَ الْقَبْرِ الْمُظْلِم بِصَوْت مُعَذَّبٍ ومستجير ؛ وَكُلَّمَا تَعَسَّر مِيلاد الدَّجَاجَة وتألمت تَعَسَّرَت الفَتَاة وتألمت .
قَرْيَة الفَتَاة نَائِيَة جِدًّا ؛ قَرْيَة شَاسِعَة مِن صَحارِي زِرَاعَة الْبِطِّيخ ؛ لَا تَرَى بَيْتًا وَاحِدًا خِلَال أفدنة كَثِيرَةٍ عَلَى مَرْمَى الْبَصَر .
الدَّجَاجَة حَبِيسَة قَبْرٍ فِي عِزْبَة كَبِيرَة تَعِيشُ عَلَى صَيْد الأسْمَاك وَبِهَا عمْرَان كَثِيف .
الْمَرْأَة الْعَاقِر سماهر ؛ دَفَعْت مَبْلَغًا كَبِيراً لِعِيد السَّاحِر وَمُساعِدِة صَأْصَأ .
كَيْ لَا تُنْجِب عَبِير الشَّابَّة - عَرُوسُ زَوْجِهَا الْجَدِيدَة - طِفْلًا يُفْرِحُ قَلْب أَمْجَد النذل الَّذِي تَزَوَّجَ عَلَى سماهر -عشْرَة الْعُمْر- الَّتِي انتشلته مِنْ الْفَقْرِ وَالْجُوع وَأَصْبَح بدعمها وَمَالِهَا مَالِكًا لسيارة نَقَل مَرْسِيدِس بقاطرة ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْجِب .عبير تصرخ والداية المولدة تلطم خديها يأسا وفزعا؛والدجاجة في القبر تصرخ؛وأبوها وأمها وأختها في حالة عجز كالشلل.
كادت عبير أن تموت؛لا هواتف هنا؛لا مستشفيات؛لا سيارات؛زوجها سائق شاحنة تنقل الدقيق بين المدن؛لن يرجع إلا قرب الظهر.
خلال المقابر كان سرحان البلطجي يتسلل للمبيت كعادته في مقبرة.
سمع صياح دجاجة؛فتش في كل مكان؛أنار مصباح الهاتف الصيني؛تحسس باب القبر؛ لاحظ أن الأسمنت لم يجف بعد؛ألصق أذنه؛قال لنفسه:ربما تلاعبني عفريتة شقية؛كاكت الدجاجة؛فتح القبر بعنف وغضب؛ أنار الظلمة؛رآها؛استعاذ وسمى الله؛رغم جسارة قلبه الميت اهتز للحظات وخاف؛استخرجها؛تفحصها ورأى الخياطة فتحير وأكله الفضول.
ذهب بها للشيخ خالد؛فزع الرجل منه وظن أن هناك مصيبة ستقع له فسرحان ؛ قتال قتلى؛كما يقول المثل.
طمأن الشيخ فهدأ؛وحكى له وأراه الخياطة.
قرأ الشيخ على الدجاجة آيات من سورة البقرة؛وفك الخياطة؛وباضت الدجاجة؛وفي بيت ناء في قرية بطيخ بعيدة ولدت عبير طفلها.
سرحان لم ينته الأمر بالنسبة إليه؛لقد اقتحم أحدهم منطقته وبيته؛ورغم أنه شرير أحس بغضب ورغبة في الإنتقام.
طاف بمقاهي عزبة الصيادين؛ظل يسأل ويسأل حتى توصل لمعلومة.
عرف أن رجلا طويلا جدا جاء بصحبة رجل قصير في سيارة فيات زرقاء رقمها ألف وسبعة؛ودخلا المقابر وغابا قليلا وخرجا.
عند الفجر كان سرحان قد جمع تسعة من أصدقائه المجرمين؛وتوجهوا للمدينة المجاورة بالموتوسيكلات؛بعد أن عرفوا صاحب السيارة المميزة الأرقام؛عن طريق عرضحالجي يملأ استمارات المتقدمين لهيئة المرور؛ويعرف أصحاب الأرقام المميزة.
سرحان وأصحابه وجدوا عيدا وصاصا يقظين في شقة الساحر في الطابق الأرضي.
خدعوا الساحر ومساعده؛وأوهموهما أن هناك حالة طارئة تستدعي تدخله حالا؛وأنه سيحصل على ألفي جنيه مقابل خدمة صغيرة؛لفك شاب مربوط تزوج أجمل امرأة في العزبة.
سَمِع عِيد وَصْفَ الْعَرُوس فَأَصَابَه نَشَاط مُفَاجِئ واستعر جَسَده .
أمَام الْقَبْرِ نَفْسِهِ ؛ قَيَّد البلطجية عِيد وَمُساعَدَة وَاعْتَرَف الرَّجُلَان بمكيدة سماهر وَعَمِل سِحْرٍ يَمْنَعُ عَبِير أَنْ تَلِدَ .
كممهما الشُّبَّان بمنديلين من القُمَاش ؛بعد ضربهما بقسوة وتعذيبهما؛ وَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمَا الْقَبْر وَمَعَهُمَا الْبَيْضَة .
آخَرُ صَوْتٍ سَمِعَه السَّاحِر وَرَفِيقُه كَانَ صَوْتَ الدَّجَاجَة الْمُعَذَّب الْمُسْتَجِير .
نَظَرَ سرْحان لِرِفَاقِه وللدجاجة وَقَال : نطبخها شوربة ؟
لَكِن سَمَيِر صَدِيقُه الْمُقَرِّب قَالَ لَهُ: دَعْهَا لَقَد تعفرتت فِي الْقَبْرِ فَتَرَكَهَا سِرْحان .
سَأَلَه سَمَيِرٌ مَتَى سنخرج الرِّجْلَيْن .
وَقَف سِرْحان وَقَال : إنْ شَاءَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى