فيصل سليم التلاوي - البسطار

بُسطارٌ … بسطارٌ … بسطارْ

يترنم عبد اللهِ

يعيد اللحن، يُرَجِّعُهُ

ويغني منتشيًا… بُسطار

تنساب على شفتيه الكلماتُ

يُنَغِّمُ ينفخُ في مزمار

يتغزل طربا، ينظم ما رقَّ من الأشعار:

يا حبي الأوحد والأبديّ

وإرثًا عَطِرًا، يعبقُ بالأَرَجِ وبالطيب

يتنسم من تربة جدي وأبي

ونُورِّثُهُ محفوظًا للأبناء وللأحفاد

جيلاً يتبعه جيلٌ يحمل هذا العشق العذري

الخالص للبسطار

بعيدًا عن كل متاع الدنيا

وغوايات الشيطان

ويورثه كنزًا أبديًا للأجيالْ

ليكون لها في الشدة عُدتها

في الظلمة نورًا يكشف عنها كربتها

في يوم الزحف شعارًا أوحدَ

يتمدد مفترشًا رايتها

بسطار العَسكرِ ما أحلاهْ

نجمًا يتلألأ ما أبهاهُ

يُزيِّنُ من أمتكم جبهتها

ويصون لها دوما وحدتها

فأنا مسكونٌ بالبسطار

وأنا أتوسده، أحضنه ليل نهار

لا أدري منذ متى ابتدأ العشقُ

أم أن الجيناتْ

حملته إليَّ على رغمٍ مني، ما كان خيار

فأنا أعلم أن البسطار

كان هوى جدي حتى وهو الفرّار

من جبَهاتِ (القرم) وجبْهاتِ (البلقان)

وكل حروب (العصملي) في كل مكان

(فراريَّا) كان، ولكن طعم البسطار ما فارقهُ

فقفاه اعتادت أن يركلها (بوز) البسطار

واعتاد البطن على أن يرفشه البسطار

و أبي واصل هذا الإرث التاريخيَّ

بهمة جنديٍّ مغوار

ما فرّط في حمل أمانته

وتخلّى عن حلم البسطار

إنجليزيَّا وفرنسيًّا صار البسطار

وظللنا في شغفٍ نرمقه

تُبهجنا طلَّتُهُ

نسترق النظر إليهِ إذا لاحت عن بعدٍ طلعتُهُ

لا ضيرَ إذا مزّق أوصال الأمة هذا البسطار

قطّعها أسباطًا أممًا ثِنتين وعشرين

و يَسِنُّ لها في كل صباحٍ حد السكين

لا يكفي أن جَزَّرَ جثتها واحتز فلسطين

وهاتاي و كانت أنطاكيةً من قبلُ ومن بعدُ

وتبقى حتى يوم االدين

واحتز الأحواز وأهداها طعمًا للشاة

ونحن مساكين

وفرحنا، وطنيًا صار البسطار أخيرا

عربيا من ينتعل البسطار

حتى لو قالوا:(مصنوع في بلد الكفار)

حتى لو صارت كل بطون الأهل له مضمار

واعتدنا مثل الآباء و مثل الأجداد

على تقبيل البسطار

وصنعنا نُصُبًا للقادة ركَّزناها في كل الأمصار

تبدأ بالتركيز على فضل البسطار

هيئتهُ، هيبتهُ، روعتهُ

لمعتهُ تخطف ضوءَ الأبصار

سنواتٍ لا عدَّ لها

ما زلنا ننشد للبسطار

نُلمِّعهُ، لا نعلم من صاحبه هذا البسطار

ونُصَفِّقُ تبهرنا إذ تصطف على الصدر نياشين

سبَّحنا وحمدنا بركات البسطار

مَجَّدنا صاحب قدمين انتعلا هذا البسطار

ونعمنا رزقا غَدَقًا يتقاطر كالسيل المدرار

سنواتٍ حتى حلَّ بساحتنا موتورٌ مهذار

يزعُم أن الأرض بَوار

وأن زمان العسكر والبسطارمضى

والريح تهب، تُغيِّرُ، تقلع ما تلقى في قوة إعصار

و يقول: الشعب العاري الجائعُ صار هو المختار

من يتولى الأمر، يُصوِّتُ مقترعًا، يختار

يتبادل سلميًّا سلطته… يا للعار!

سلميَّا كيف؟!

كيف يكون الشرف رفيعًا

ما لم تغسلْهُ دماء الأحرار؟

وشيوخ قبائلنا، ووجوه عشائرنا

وكبارًا سادوا بالميراث أبا عن جدٍ

كيف نُضيِّعُ حقًّا موروثًا من عهد ثمود وعاد

وكيف نُفرِّط في ما حمَّلنا إياهُ الأجداد؟!

كيف يسير الكون بلا بسطار؟!

بسطارٌ نحضنهُ صبحًا

ونمسِّد جبهته كل مساء

بسطارٌ يجلب خير الدنيا

يُدفع عنا كل بلاء

بسطار نحمله رمزا

ونطوف به كل الأرجاء

ونردُّ على من يسألنا:

من أنتم؟

: – نحن بكل الفخرِ عبيدُ البسطار

  • البسطار هو حذاء العسكر
فيصل سليم التلاوي

14/8/2013

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى