عامر الطيب - سيأوي إلى الفراش الليلة رجلٌ لا يشبهني

سيأوي إلى الفراش الليلة
رجلٌ لا يشبهني ، ينام كأنه يستوطن كتاباً،
يغيرُ ملابسه بطريقة من ينزع غشاءَ نبتة،
حزين العينين
يبكي مثل اليد التي تضيع معطفها ،
و هو يتأمل سقف الغرفة القاتم
كسماء بلا أذرع.
سيأوي إلى الفراش الليلة
رجلٌ لم يحبكِ طيلة النهار كما ينبغي،
لم يتحسس صوتك كالحلمة ،
و لم يرفع كلماتك إلى مصاف الأناشيد الأليمة لنساء الغابات .
رجل لم يضغط على فمكِ كفاية
لإشباع الصمت
ولم يوفرْ
شيئاً من وقتكِ الضائع
لينام !

اخترتُ أن أحبكِ بنبل طفل
أحمق بعض الشيء
بينما اختار رجال آخرون أن يشيدوا لأثرك بيتاً
أو يصنعوا من لمعان شعرك مصباحاً
صافياً من النبع.
مرت سنوات وأنا أرى أن حبك
سيتقهقر
إلا أنه بدا كسرب الغربان
التي أظن أنها ستقع نهاية هذا الأفق
بينما تحلق نحو الأعلى!

ها قد مضى المساء العجيب
كنصف قرنٍ
من الحراسة ،
حراسة كنز نجهل قيمته
إنه عفويتنا أو نذالتنا البالغة،
شيء من الوحل
أو من الصدأ
يغطي مفاتيح بيوتنا ،
شيء من الخفة يسكن مقابضنا ،
من الطريق الذي ينتهي
ولا نأسف
لضياعه .
ها قد مضى المساء الحزين
فصرنا وجلين
من أن نأمن للغاتنا ،
من أن نحرس أصابع أحبتنا
بخيوط القمصان!

غضبتُ ثم هدأتُ ثم بكيتُ ثم تصفحتُ
المدونة ثم أرخيتُ جسدي على الكرسي الدوار.
أطلتُ النظر
لمغرفة الحساء
ثم أهملتها ،
فعلتُ شيئاً لا أريد أن أذكره ،
أحببتك
في المطر لينزل بغزارة
و في الحجر الذي نقذفه بيد واحدةٍ
ليرفرف مثل الطير !

أنحني إجلالاً
للرجال الذين أحببتِ،أسميهم أساتذة متقاعدين ،
أتتبع سيرهم
و أندب من مات منهم.
لن أقول أنني أحبهم جميعاً،
لن أبدو مسيحياً حيث ينبغي أن أكون
ميكافيلياً،
لن يكون لي وطن إن لم يكن عندي جواب لأي شيء ،
ومن أجل ذلك سأحسن معاملة يدي
كجناحين
و أهبُ المدن الكبيرة أسماء الأشجار!

حتى متى يشبه حبي
أن أخبئ قطعة من المعدن
في جيب أحد عابر
و حيث نقعد في قاعة نصف معتمة
تجيئين بخفوت
كالأموات
و تخرجين القطعة من جيبي !

لكِ فم وحش و عينا دمية
لكنك حنونة
تعرفين أنني رجلان:
رجل حي على الخشبة
و رجل ميت خلف الكواليس،
تعرفين أنني أريح رأسي
بين ذراعيك
لأن الذين يملكون رؤوساً في مثل هذا القرن
يحنونها فحسب،
يضعونها على الطاولات
من أجل كلمة ،
لكن يا للأسف
بعد نهاية هذا الطريق المعتم
ستجيء الكلمة الأولى!

اشتريتُ لك فستاناً طويلاً
للحفلة و قصيراً للتنزه
بلون مماثل و قد تعمدتُ ذلك.
أعي أنك تحبين اللون
الرمادي ليس الغامق تماماً
أقصد ما يبدو مثل الأسود
إن قمنا كالمجنونين بغسل الأطباق!

قام الأرنبُ
بتعليم حبكَ على المشي
فيما تولت السلحفاة تعليم حبي ذلك،
كان الطريق طويلاً
بما يسمح
أن أدعك تغلبني
وأنا متأسفة بعد نهاية الرهان
و سعيدة إلى الأبد!

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى