د. إبراهيم مصري النهر - سيدتان على الطريق

استوقفتني عند عودتي إلى البيت ليلا سيدتان، استدرّا عطفي بكونهما سيدتان وفي وقت متأخر من الليل، وقول احداهما لي -عندما انحنت صوب نافذة السيارة- بنبرة يغلفها البكاء، تستجدي الشفقة: معنا طفل مريض وأشارت إلى لفافة تحملها السيدة الأخرى.
ركبا في الكرسي الخلفي وهما يلهجان بالدعاء لي.
في الطريق دار بينهما هذا الحديث:
-أرضعيه.
-اسكتي ما صدقت إنه نام، من المغرب على صرخة واحدة.
-هل ما زال سخنا؟ .. ضعي يدك على جبهته وتحسسي حرارته.
-أوووه، جبهته نار.
واستدركت: أبوهم رامي الحمل عليّ، يتركنا بالشهر بدون مصروف، مرتبه كخفير خاص يكفي بالكاد نفقة كيفه،...
والسيدة الأخرى تجاريها في الحديث وتحثها على الصبر ببعض عبارات المواساة.
عند بوابة المستشفى توقفت وأخرجت حافظة نقودي، طويت مبلغا في يدي، واستدرت إليهما قائلا: هذه بوابة المستشفى التي تنشدانها، وخذا هذا المبلغ ربما تحتجانه في شراء وصفة العلاج.
تمنَّعتا في باديء الأمر وهما تشكراني، ثم مدت احدهما يدها وأخذته .. ودخلتا من البوابة.
تحركت قليلا وتوقفت، معاتبا نفسي؛ كيف أتركهما في هذا الوقت وفي هذا الموقف، ربما يحتاج الطفل إلى علاج من الخارج، أو ربما..أو ربما...
ركنت السيارة بجانب سور المستشفى وترجلت، بمحاذاة البوابة ألقيت بناظريَّ بعيدا إلى الداخل .. لأرى السيدة تنفض اللفافة وتضعها على كتفيها.




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى