فوزية العلوي - في الحب والحرب

تلك المرأة أكرهها
بقدر كرهي لللبن الحامض
تبدو لزجة وسائلة
ورموشها لا تتطابق مع نظرتها.
لا ادري لماذا يبدو حديثها مكعّبا
كلما جاءت سيرة الحرب على لسانها
مع أن كل البيوت تشظت
والجماجم طارت شهبا في السماء
والبيت الذي كانت تسكنه
صار أشبه بخيوط العنكبوت
حديثها عن الحبّ
اكثر بؤسا من حديث الحرب
تحاول تلوين عينيها
وهي تشرب الشاي المثلج
ليس تلوينا بالمعنى المائي
لكنها تتصور نفسها
فراشة مثقوبة الاجنحة تترمم
بما تجده امامها من كلمات
حمراء وصفراء وبنفسجية
يمكنني طبعا ان اتحاشاها
كم تحاشيت اللبن الحامض
الذي تسبب لي في سوء فهم
واحدث عندي رغبة في قتل كل البقر
لكن ساعة حضورها
في برنامج المذيع المنصفم
يتزامن مع رجوعي
إلى البيت معفرة القلب والكفين
ولانني حريصة على نشرة المناخ
ومتشوقة لرياح الثلج القادمة
كان لا بد من الصبر عليها
وهي ترصّف القنابل بجنب القبل
وتلوّن عينيها بالغبار المتطاير
من زوايا بيتها والدم المراق على جدرانها
كل هذا لتوهمنا أنها توثق للحظة مهمة
تشبه تلك اللحظة
التي عاهدت نفسي فيها على تحاشي شرب اللبن الحامض
تلك المراة اكرهها لا بالمعنى الفرويدي للكلمة
بل لانها من الموجودات التي تزعج
كان تجد بقرة تقف على الرصيف
او ببغاء في دكان قصّاب
او شعارا يتحدث عن الحرية في بلد اكثر من نصف سكانه لا يجدون ثمن الوقود
او مدرسة يؤمها الذكور فقط
لأن الإناث مكلفات بجني الطماطم وتربية الإوز
ولانني مهووسة بتتبع النشرة المناخية
والمراة التي أكرهها سمّمت دماغي
مصرة على الظهور لتبين للبشرية كيف تفسد الحرب مزاج الحبّ
كان لزاما علي ان اخفض صوت التلفاز تماما
كي اخنق صوتها واتركك تقوم بتلك الحركات
التي تشبه ذبابة غارقة في صحفة عسل

فوزية العلوي
تونس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى