محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - في قديمِ الجراح

في قديمِ الجراح
قبل ال " ما قبل "
ببضع لوحات ، وألواح امتطاء الريح
وبضع أصداف تصطك من برد الشتاء
كنت أحشو
مفاتن الضفة بالعشاق الثمالة حتى تمتلىء
و يسيل عشاقها
على حافةِ السفن
كنت أمحو الروج عن شفاه العصافير
قبل أن يمحو نعاسهم
ويغتسلوا لصلاة الترحال
كنت أحصد ثمار التين ، من نعوش الأصدقاء
ثم أعتصرها خمراً
لاُرقي ذاكرة الشوارع بالخلود
وكنت أشذب لحية العتمة
أفك أحجية المساء ، عصفوراً ، وشمساً تحمر خجلاً
وتزرق مطراً
وتسود كلما لمحت
عاشقا يضع في مائدته أطعمة الغياب
وكنت اُغني
بحنجرة البحر ، لتنام الأسماك على الشُعب البحرية
بكامل شراشيفها ، وربطات عنقها
وكُتب الصيد
وكنت أواعد حبيبتي في المحطة التي تجاوزناها دون أن أعود إلى الخلف
وأرتدي ثيابي لأحضنها في " ليلة الأمس "
و أركض إليها بعيداً عنها
في قديم القصيدة
حبلت فتاتي بنص
وحينما باغتها المخاض وضعت مدينة بلا طرقات
بلا أحذية ، وجوارب
بلا خارطة
وضعت مدينة وأغرقتها
لأنها كانت مدينة مُعاقة الشواطئ
في قديم المياه
تشاجر قارب مع موجة مُراهقة
فجفف ثيابها
ثم أبحر بعيداً
دون أن يتبلل حذاؤه " ياله من قارب سيء الأخشاب "
في قديم المساء
جلس ربيع أسفل شجرة لا مبالية
دخن قيلوله
و حكى لصغار العصافير قصصا خيالية
" كان يا جراح ، شيء اسمه الإنسان ، سرق بحاري ، ونسيمي ، ثم جففني لأكون هذا العجوز اليابس "
هكذا تحدث ذلك المُسن ، ثم سعل ، وتقيأ عدة فراشات ذابلة
قبل اللاشيء
كنت أنا ، وبعد اللاشيء كنت أنا
مجرد بوابة قديمة
تعبرها الخيول القادمة من الفراغ متجهة نحو حقول العدم الشاسعة

عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى