د. علي خليفة - [1]مسرحية "المزعجون" للشاعر والكاتب الفرنسي موليير "1673 - 1622"

بطل هذه المسرحية -ذات الثلاثة فصول - هو أراست، وهو نمط للشخص الجزوع قليل الصبر، وهو سريع الغضب في الوقت نفسه، ويضعه موليير طوال فصول هذه المسرحية في مواقف عديد متتالية مع أشخاص مزعجين فضوليين؛ مما يتسبب في إثارة غضبه باستمرار، وقيامه بردود فعل تثير الضحك.
ونرى أراست طوال فصول هذه المسرحية ينتظر أن يلتقي بحبيبته أورفيز، ولكن هناك دائمًا مزعجين يعيقون لقاءه معها، ويكون ذلك من أسباب شدة ثورته على هؤلاء المزعجين.
وفي بداية هذه المسرحية يلتقي أراست بصديقه لامونتاني، ويحدثه أراست عن شخص مزعج التقى به أمس في المسرح، ويصفه بأنه شخص عديم اللياقة، فهو قد أمر بأن يحمل له مقعد، ويوضع في الصف الأول، وحجب الرؤية عن كثير من المشاهدين لضخامة جثته، ويذكر أراست أنه تطفل عليه، وكلمه كثيرًا خلال العرض المسرحي؛ مما جعله هو والمشاهدين الآخرين
لا يتابعون ذلك العرض بشكل جيد، ويقول أراست: ولم يكتفِ ذلك الشخص الفضولي المزعج بذلك، بل إنه تبعه حين خروجه من المسرح، وقال له:
إنه عازم على متابعته طوال هذا اليوم؛ ليؤكد عرى الصداقة بينهما، ويذكر أراست أنه تخلص منه بصعوبة.
وخلال وقوف أراست مع صديقه لامونتاني منتظرًا مجيء حبيبته أورفيز يتدخل لامونتاني في شئون أراست، فيقحم نفسه في تعديل هندامه رغم عدم رغبة أراست في ذلك.
وتظهر أورفيز من بعيد، ويراها أراست، ويبدو أن هناك أمرًا جعلها لا تأتي له، فيتسرع بإظهار غضبه منها، ثم تأتيه، فيسارع بعتابها بغضب، وتظهر عند ذلك ضيقها منه، فيسارع بالاعتذار لها من تسرعه في غضبه منها، وتتركه، فيشعر بالضيق.
وقبل أن تأتي أورفيز لأراست في نهاية هذا الفصل يأتي له شخص يشكو إليه من شخص آخر كان يطيل النظر إليه، وطلب إلى أراست أن يتدخل؛ ليعرف سبب إطالة ذلك الشخص النظر إليه، ولكن أراست لم يعبأ به.
ومع بداية الفصل الثاني يفاجأ أراست وهو ينتظر التقاءه بمحبوبته أورفيز بصديق آخر له، يحدثه حديثًا طويلًا مستفيضًا عن لعبه الورق مع رفاق له بالأمس، ويبدي أراست ضيقه من عرضه تفاصيل هذا الأمر.
ويأتي لامونتاني، ويخبر أراست بقدر من البطء بأن حبيبته أورفيز في طريقها للالتقاء به، وعند ذلك يدخل على أراست رجل وسيدة يعرفهما، ويعرضان عليه خصومة حدثت بينهما، فالرجل يؤيد العاشق غير الغيور، والمرأة تؤيد العاشق الغيور، ويعرضان على أراست حججهما في ذلك، ويطلبان إليه أن يفصل بينهما، فينزعج من حديثهما، ومن إطالتهما فيه.
وحين تأتي أورفيز لأراست يظهر غضبه منها، ويعاتبها كالمعتاد على تأخرها عليه، وتغضب منه لتسرعه في عتابها، وتتركه وتمشي من أمامه.
ومع نهاية هذا الفصل يفاجأ أراست بصديق له يقحم نفسه عليه، ويحدثه عن مغامرة صيد قام مع رفاق له بها في الغابة أمس، ويقول: إنه قد اندس بينهم شخص قروي مزعج، ويطيل ذلك الصديق في وصف تلك المغامرة؛ مما يتسبب في شدة ضيق أراست الجزوع، والسريع الغضب.
وفي بداية الفصل الثالث يحدث أراست نفسه عن نية عم أورفيز - الذي هو وصي عليها في الوقت نفسه - في أن يزوجها من شخص آخر غيره، ويعزي نفسه عن هذا الخبر السيئ بأن أورفيز سمحت له بأن يأتيها في بيتها في ذلك الوقت.
وبينما أراست يتحرك نحو بيت أورفيز يأتيه عدة مزعجين، ويعطلونه عن ذلك الموعد، فيأتيه شخص مهتم باللغة اليونانية القديمة وتاريخ الإغريق، ويطلب إلى أراست وساطته في أن يوصل عريضة له إلى الملك يشكو فيها
من الأخطاء الموجودة في عناوين المحلات، ويصمم ذلك الشخص على أن يقرأ ما كتبه في هذه العريضة.
ثم يأتي لأراست شخص آخر معه عريضة أخرى، ويطلب إلى أراست أن يعرضها على الملك، ويحدثه حديثًا طويلًا عنها، وعن الجدوى من تطبيق ما فيها للدولة.
ثم يأتي لأراست صديق له، ويحدثه عن رغبته في أن يكون بقربه؛ ليبعد عنه الدخلاء المزعجين الذين يضايقونه، ويبدي ذلك الشخص رغبته في عدم مفارقة أراست، فينزعج منه أراست انزعاجًا شديدًا، وكاد يتشاجر معه.
ويقترب أراست من بيت أورفيز، ويرى عمها داميس أمامه منتظرًا قدومه في ذاك الموعد - فقد وصله علم به - وأراد أن يؤدب أراست لجرأته على أن يقابل بنت أخيه في بيتها.
ويتشاجر أراست مع شخص كان يرفع سيفه عليه بتحريض من داميس عم أورفيز، وأظهر أراست أنه في مواجهة ذلك الشخص إنما يدافع عن داميس.
وتنتهي المسرحية بإظهار داميس إعجابه بأراست لوقوفه ذلك الموقف، ويعبر له عن تغير موقفه منه، ويقول له: إنه صار موافقًا على زواجه من أورفيز ابنة أخيه.
وأعتقد أن هذه المسرحية من مسرحيات موليير الجيدة، وفيها نرى نمط الشخص الجزوع سريع الغضب يواجه أشخاصًا فضوليين مزعجين؛ مما يستثير غضبه، ويتصرف تصرفات تثير الضحك.
والعيب الوحيد الذي آخذه على هذه المسرحية هو خاتمتها السريعة التي فيها قدر من الغموض والاضطراب.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى