عمر سيدي محمد - الحسّانيَّة من قاموس الحسّانيّة (49) الجهات في الحسّانيّة متفق على الأمور التالية فيها بين الناطقين بالحسّانيّة.

أوّلا: من المتفق عليه ألفاظ تسميتها وهي گِبْلَة، تَلّْ، سَاحِلْ، شَرْگْ.
ثَانِيًا: من المتفق عليه أن جِهَة گِبْلَة تقابل جِهَة تَلّْ وجِهَة سَاحِلْ تقابل جهة شَرْگْ وترتيب الجهات بدءا من جهة ساحل لمن طاف بالخيمة كما يطوف الناس بالكعبة (عكس عقارب الساعة) فأول ما يلفاه گبلة ثم شرگ ثم تلّْ ويرجع لنقطة انطلاقه ساحل.
ثَالِثا: من المتفق عليه أن الگبلة والتّلّْ والشرگ والسّاحل هكذا إذا عُرِّفت فيُقصد بها حيّز جغرافيّ معيّن وكذلك التّلّ عند بعض الناس فتصبح علما.
رابعاً: من المتفق عليه أن مدخل الخيمة يكون دائما في جهة گِبْلَة وهو الذي يقصده الزائر والقادم إلى أهل الخيمة. والناس قسمان حيث أن كل المناطق المحاذية للمحيط الأطلسي يلزم أن يكون مدخل الخيمة في الناحية الجنوبية وهي گبلة عندهم وتكون جهة الشمال هي تلّ عندهم وتكون جهة المحيط الأطلسي هي ساحل عندهم وتكون جهة الشرق هي شرگ عندهم.
والقسم الثاني من الناس والذي يبعد عن المحيط مُتوَغّلا شرقا ناحية الصحراء الكبرى وغابات السّافانا فإن مدخل الخيمة يكون غربًا وهي گبلة عندهم وتكون جهة الشرق هي تلّ عندهم وتكون جهة الشمال هي ساحل عندهم وتكون جهة الجنوب هي شرگ عندهم.
خامسا: من المتفق عليه أن جهة ساحل وجهة شرگ ليس لأيٍّ منهما مرادف وأمّا گبلة فيرادفها المنحر وتلّ يرادفها السهوة و لِگْفَ أو المَگْفَ.
نقول يستگبل إذا ذهب ناحية گبلة.
نقول ئِگَافي إذا ذهب ناحية تلّ.
نقول ئسوحل إذا ذهب ناحية ساحل.
نقول ئِشرّگ إذا ذهب ناحية شرگ.
المعنى اللغويّ لهذه الجهات:
#گِبْلَة: الظاهر أنّ أصلها قِبْلَةٌ بكسر القاف والتي من معانيها كما ورد في القواميس العربية كلُّ ما يُسْتَقْبَلُ. والقادم إلى الخيمة يقصد هذه الناحية فقط وبالتالي المقصود هنا مدخل الخيمة وليس جهة الكعبة المشرفة. ونحن في هذه البلاد نصلي شرقا ولو قصدنا قبلة الصلاة لكنا أهملنا كلمة شرق.
#تَلّْ: الظاهر أن المقصود التّلّ بمعنى الرابية. ومن العجيب والغريب أن هذه الكلمة يستخدمها الناس في مناطق واسعة من شمال إفرقيا ويقصدون بها المرتفعات والتلال الخصيبة التي تأتي على بعد معين من الساحل ونتفق معهم في تسمية الجهات بالظواهر الجغرافية.
#سَاحِلْ: الظاهر أن المقصود سَاحِلُ البحر وناحيته. ولم أجد لها معنى آخر.
#شرگ: الظاهر أن المقصود هو الشرق ولكن ليس الشرق الجهة التي تشرق منها الشمس بل هي الجهة التي يدخل منها الضوء للخيمة في كل الأحوال حتى لو طُرحت أرضاً كلّ "خالفة" من الخيمة فإن الجهة الوحيدة التي يدخل منها الضوء هي من شرگ الخيمة. وكل أمر ذي بال يحتاج للرقابة فإنه يُجعل شرگ الخيمة. وهي جهة يُرَى منها كل شيء خلافا لجهة ساحل التي بها الدّبش وتُعتبر نقطة ضعف حيث لايُرى القادم من ناحيتها بل إن اللصوص يأتون الخيمة دائماً من جهة ساحل.
وهناك كلمتان متعلقتان بالشمس وهما شروق الشمس وغروبها قد أُهمِلتا في الحسّانيّة واستُخدم بدلا منهما "اطْلُوع أو اظْهُور الشمس" للشروق واستخدم "اطْيَاحْ الشّمس" لغروبها.
وفي لغة أجدادنا المرابطين هكذا كان نطق الجهات قبل مجيء أجدادنا المغافرة بالحسّانيّة.
أَگَـافَّ: الشمال
أَوْگُـسْ: الجنوب
مِـنِـگْ: الشرق
أذَرَمْ: الغرب
وفي المعاجم الأمازيغية هكذا هي الجهات:
أگافا: الشَّمَالُ؛ ما يُقَابِلُ الجَنُوبَ.
ؤگّس: الجَنُوبُ؛ ما يقابل الشمال..
ئِمِينِيكْ: الشَّرْقُ مطلع الشَّمْس.
أدَارَامْ: الغَرْبُ؛ نَقِيضُ الشرق.
#الخلاصة هي أن الخيمة هي أساس حياة الناس وهي المُرتكز في كل شيء حتى في تحديد الجهات ومنها اثنتان مشتقتان من تكوين الخيمة وأهمية جوانبها الأربعة. واثنتان مستقتان من التضاريس الجغرافية المحيطة بها.
والفريق الأول من أهلنا المحاذين للأطلسي تعاضدت لهم عدة أمور جعلت نهجهم في التسمية أقرب للمنطق حيث أن الشرق عندهم يقابل الشرق والساحل يقابل ساحل الأطلسي وتلّ عندهم يقابل تلّ عند الأشقاء في الجزائر أي الشمال وكذلك أَگَـافَّ هي الشمال.
هذا والله تعالى أعلم.
وسوف أنقل إليكم رابطا لمقال قيّم في الموضوع للدكتور سيدي أحمد ولد الأمير حفظه الله.





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى