د. محمد سعيد شحاتة - عزلة

في العزلة أرسمُ ظلالاً
وسنابل خضراء
أرسم أمي وهي ترتقُ ملابسنا القديمةَ
وأرسمُ بيتنا القديمَ
وخطوطَهُ المتعرِّجةَ
وطفلا يعبرُ النهر عاريًا
إلا من حلم الوصولِ إلى الشاطئِ
الليالي الباردةُ تستهلكُ أنفاسَنا
وكلما قرأتُ قصيدةً لشاعرٍ جاهليٍّ
حاصرتني الغربةُ
وتذكَّرتُ إيزيسَ وهي تجمعُ أشلاءَ حلمها
مُتْرَعٌ قلبي بالحنينِ
لكنَّ روَّادَ التأويل
قالوا بأنني لا أصلحُ للقراءةِ.
آهِ يا قلبي المثخن بالجراحِ !
ذاكرتي كالجبِّ
يلقون فيه كلَّ ما تآمروا عليه
دهاليزُ الجبِّ ملأى بالأغاني القديمةِ
والحناجرِ
وأعشابِ القصائدِ الخضراءِ
والأنبياءِ
في العزلةِ رسمتُ جمجمةً مثقوبةً
داستها أحذيةٌ غليظةٌ
كنتُ أخبِّئ فيها قصائدي
وتوابيتَ الأنبياءِ
وشعرائي المُنْتَخَبين
وأسرارَ النهرِ
العزلةُ أيضا مُدىً مسنونةٌ
وتراتيلُ من وجعِ الروحِ
ومجازاتٌ عالقةٌ
بين المهد واللحد

____________________________
من ديوان: العاشق الريفي




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى