محمد آدم - اسبينوزا

إنه يجلس الآن على معدته الخربةِ فى الليل
وحيداً
منضوياً
وغارباً
يداهُ معقودتان خلف ظهره و تصقلان الضوء بالأزاميل
وتمسكان بالمسامير من أجل ان يصلح فردة حذائهِ
البالية
فيما هو ينكبُّ على كراساته القديمة
ويضحك من التوراة
وكافة الأكاذيب التى صنعها الرواة المخنثون
عن الله
الذى أقعدوه فوق ساعاتهم الميكانيكية وتحت لحاهم الضخمةِ
من أجل ان يصلحوا عطباً هناك أو هناك
فى فراديسه الخنفسائية العرجاء حتى
تتواءم مع مخيلاتهم
الإسفنجية
وفى آخر الليل
وحينما كان يزهق من الوحدة ويصيبهُ المللُ
والضجر من كل ما رأى أو سمع
كان يكتب على جدران غرفته الثلاثية الأبعاد والتى امتلأت بالفوانيس
وحبات البطاطا
أن المتعدد فى الواحد
وأن الواحد فى المتعدد
وأن نقطة الصفر هى هى مركز الدائرةِ
وحقيقة العالم
وما ثم فرق
بين نقطة على المحيط
ونقطة المركز
وفى آخر الليل كان قد كسَّر كل فوانيسه
ولعب شطرنجه المتناثرة على الأرض
وأخلد إلى النوم
فى انتظار إطلالة الفجر
الملتاثة
وألقى بكل عدساته المقعرة والمحدبة إلى المحيط
ولم يعد يشغل باله لا بنقطة المركز
ولا بالدائرة من الأساسْ
وراح يبول بضجر وحميميةٍ
على كل ما كتبته يداه
بدءاً من اللاهوت
وانتهاءً بالسياسةِ
وأخيراً قال لنفسهِ
كيف كان بسكال يعيش فى هذا العالم
ودون ان يدرك الحقيقة؟!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى