عمار حميد مهدي - الحمامة

في صباح يوم شديد البرودة كانت هناك حمامة تقف على رأس تمثال الزعيم الأوحد المنصوب امام مدخل باحة السجن المركزي الكبير عند اطراف العاصمة ، وبسبب البرد كانت هذه الحمامة تعاني إسهالا شديدا ادى الى ان تذرق بكمية كبيرة وقعت على أنف وشارب الزعيم الكَث، وبالصدفة ان تلك الحمامة من مكانها هذا كانت تراقب عملية تنفيذ حكم اعدام بحق احد ابناء الشعب كانت تجري في باحة السجن، والذي بدوره غَصَّ بالضحك حين رأى تمثال الزعيم والحمامة تذرُق فوق رأسه قبل ان يلتف حبل المشنقة حول عنقه ، فأغاظ الحدث كله الزعيم الأوحد الذي كان جالسا وقتها بنفسه في المقصورة الرئاسية المعدة لمشاهدة تنفيذ عملية الاعدام التي نسيها تماما وظل يركز بغضب كبير على تلك الحمامة وصوت ضحكات ابن الشعب الاخيرة تصل إلى اذنيه.

ماذا يمكن ان افعل مع تلك الحمامة؟ ، قال الزعيم الاوحد لنفسه ... هل اصدر أمراً بقتل كل الحمام؟ ... كلا ، ذلك مستحيل.


ام اعقد اتفاقا مع القطط لاصطيادها... لا فالقطط كسولة ولا تلتزم بأي اتفاق.

ثم توصل الزعيم الى فكرة ممتازة , فأمر بإحضار غصن زيتون يرفعه بيده للحمام وما إن تقترب منه احدى الحمامات حتى يمكسها فيكسر عنقها وينتف ريشها.


استمر الحاكم الاوحد بممارسة هوايته المريضة متلذذاً بها حتى مات ودفنه جلاوزته في قبر مهيب، لكن القبر كان يمتلئ بالذروق كل يوم بسبب اسراب الحمام التي تطير فوقه وتستقر عائدةً عند شجرة زيتون نَمَت على قبر احد ابناء الشعب الذين كان يضحك... قبل ان يلتف حبل المشنقة حول عنقه.

عمار حميد مهدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى