عبد الرحمن مقلد - «هم»

يثبون في ليل المدينة
مطفئين
بنو ظلامٍ
غادروا أرحامهم نطفًا من الأشباه
تقذفهم على عتماتها
متشابهين ومبهمين
جراء خوفٍ
مطلقين على الشوارع
يلهثون معفرين
وهائشين
يُفارقون قلوبهم
يخَاصَمون من الجميع
وأينما سارت بها خطواتهم
يصّاعد النبت الكريه
وتحتفي بالشوك
أطرافُ الكعوب
(سافحو خمر المسيح
وناهبو مال النبي
وآكلو كبد الحسين
وشاربو دمه)
..
توسدوا خشن الوسائد
لم تنم عينٌ لهم
إلا وقاموا
مضجرين
يشاجرون ذبابهم
ذبْحَى الصدور
لهم تراثات الكراهة
عندنا حذرٌ إذا طلعوا
إذا غالوا وداسوا
يخمشون صفاءنا
دَهمُوا مقاهينا
ودسّوا
في بخارِ أنوفنا
عُدوانَهم
رهبوا المكوثَ
وغادرونا
الحانقون إذا صعدنا
لم يوافونا الثناء
الحاسدون إذا تقدم خطونا
- أو إن تأخر خطوهم -
وقفوا وغابونا
الجاحدون حقوقنا:
لم يرفعوا عنا السباب
إذا ارتفعنا
واقعونا من وراء
كشَّفوا عن الستائر
يخذلون صغارنا
إن ما رأوهم شاخصين على النواصي
يهزأون
ويقذفون حبالهم لنخر مَكْفيّنَ
حتى يضحكوا!
لم يتركوا وجهًا
سوى بصقوا
وبالوا في المكائن
آمنين
يصفرون
لهم تغضنهم
ورث ثيابهم
ولنا حرير الرب
نلبسُ
غير أنهم عراةً
أبصرونا
كلما نظروا
ودقوا
يخرقون ثيابنا
بعيونهم
ويمزقون عرىً عرىً
ويفلّتون الخيط خلف الخيط خلف الخيط
حتى موطئاً يبدو بلا ورق نُخطّف
أو نهرولُ
هم بلاشفة قدامى
يخسفون بنا السماء
إذا رأونا مطرقين
مطئطئين ونحن ننهب
ما يجنُّ
ونحن نهرب بالغنيمة
نقضم الثمر الذي يرعون
ثم نُمرّغ الجبهات
نَكذبُ إنه مكر الثعالب
إنه اليقطين لم يطلع
وغالته الحرارة
وانطفا حتى الذبول
ولم يروا أنا كبرنا
من هضام خرافهم
..
نحن سراق ولكنا سعيدو الحظ
هم عسرو الخطى
وطريقهم مضنٍ
ولم يتنبّهوا للطقس
أو للنجم
خاضوا في الوحول
ونحن أنبأنا المُتممُ
أن عند النهر نلقى ما جنوه
هم صقيعٌ
جامدون
حوافهم تدمى وتُدمي
لا تشكلها الرياح
ولا يعريها الزمان
ويرضعون دم الذئاب
ونحن رهطٌ
مائعونٌ
مُرهّلون
مناسبون
لكل حينٍ
كل وقتٍ
ننحني
ولنا خوارٌ إن تمر الريحُ فينا
لنا ضريعٌ كاذبٌ وتوسلٌّ
ولا نمل
نعضُّ أيادينا ونندم
هم خفافٌ
يرحلون إذا تضن
ولا تجيب الأرض ما سألوا
من اللعنات قاموا
لا رفاة
ولا سبيل إلى
التهندم
لم يزينوا
هم قدامى دون مُوضَات
وحوشٌ يلهجون
إذا تمرُّ جميلةٌ
بيضاءُ تخطر
أو تأخرَ سربُ بضاتٍ
ضحكن وهن يطلقن النهودَ إلى الهواء
على البديهة كالحمام
عووا
وتصعق عظمهم شهواتهم
سقطوا صغارًا
يركضون وراء من يمرُرن
لا يتركن إلا فتيةَ خَشنِين يجرحهم هواءٌ ناعمٌ
فتنوا ولم يتبصروا
معنى الخسارة
أن الخطامِ تقوده أيدٍ تشير إلى السحابِ
وهم يرون من السرابِ المهلك المأفون
لا يتراجعون
إلى الرمال مسيرهم
لكننا نبغي ضلالهمو
ونعرف أن مهلكهم يكون على الجمال السهل
إن نالوه ملوا
وإن تأخر لم يكلوا
الانتظارْ
حمقى
كهول
غامضون
إن ما تمهل خطوهم
خفنا
سكاكرهم مباضعُ من قلوبٍ ذُبّحت
لا داجنين
ويسقطون على الفخاخ
ويمزقون
ستارها
ينكئون جراحها
ويفلّتون عيارها
لا سلامَ لهم علينا
لا يردون التحايا
غير
موثقين
إن يتخطفون الكحل
من أطراف أعين نسوة نفضوا
وفضوا غزلهن ولم ينلنا ما نرجيّ
نحن من عدنا سريعًا
ناهبي طروادة
السائقون حصانها
والراجعون مع الأسارى
لم يتيهوا أو يضلوا
نحن رهبانٌ وقادةُ من لقوا أهوالهم
ونحن من ربحوا المعارك
أطفأوا نار الحروب
وليس أضغاث الوحوش
العائدين على المشقة
حالمين بأن أنوالًا يتمم غزلها
من يفرغون من الملاحم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى