هاني الغريب (هاني أبو مصطفى) - القدر المعزول

في رثاء الشاعر العربي المقتول محمود البريكان .


قَدَرٌ أراد لك الرحيلَ بديلا
وأراد أن نبكيْ عليك طويلا

محمود كيف قُتلتَ كيف اختارتِ الأيامُ مثلَك أن يدورَ قتيلا

كانت قصائدُك الجميلةُ ثورةً
أبقتك فينا مُبدعًا وجميلا

سُئلتْ فقالت عنك عاش مُرابطًا
رَغم انعزالِك لم تزل مقبولا

رَغم انعزالِك كُنتَ
ترسمُ صُورةَ القدّيسِ يعبدُ
شاهدًا ومثيلا

وكتبتَ حين كتبتَ بيتًا واحدًا
لكنهُ عرضًا يطوفُ وطولا

لكنهُ أدرى بنزفِك عندما
أقنعتَ في هذا الخيارِ عقولا

وطُعنت مجهولاً رسمتَ خريطةً
ستُعيدُ في طعناتهِ المجهولا

أبعدتَ صوتَك كي تقولَ لهم أنا
لا أقبلُ المشبوهَ والمفتولا

لو كنت موجودًا
لتُكمِلَ ثورةَ السّيابِ
كنتَ الرائدَ المأمولا

فاليوم في زمنِ
اختلاطِ وجوهِهم
ماعاد يختتمُ الذكيُّ حُلولا

ماعاد للإبداعِ يبرزُ فارسٌ
إلا وبادرهُ هوىً ليميلا

أأراك ديوانًا على أذواقِهم
سافرتَ تحملُ همَّهم محمولا

وشرحتَ للسيابِ ما يُرمى إلى
عينيك تختصرُ الندى المسؤولا

ومشيتما مُتقابلين فلا يرى
أحدٌ عذابكما وكُنتَ سبيلا

تتبادلان الماءَ لم تتقاطعا
في حبسهِ وسقيتُما التأويلا

مطرٌ غزيرٌ وانحسارٌ أحمرٌ
يجري وبوحٌ أمعنَ التعديلا

أُنثى الأناشيدِ المُثيرةِ أسدلتْ
لكما وصاحت تطلبُ التقبيلا

فمضى أخوك مُمزّقًا بحنينهِ
قلقًا نحيلًا نائحًا وعليلا

ومضيتَ مطعونًا لأنك رافضٌ
أن يشتروك وعازفًا وطُبولا

وأنا سأزرعُ وردةً بمدامعي
تُسقى وأفرشُ دائمًا منديلا

وأنا وعندي في التصوُّفِ خِرقةٌ
لا للظّلامِ سأحملُ القنديلا

العبقريةُ كالفتاةِ جمالُها
مازال يمثلُ صاعدًا ونُزولا

والشاعريةُ في المظاهرِ لم تنم
أبدًا تُمهِّدُ للظهورِ رعيلا

فالقادمون سيكتبون صراحةً
أنّ المنصّةَ تملكُ الأُسطولا

ومن القوافي كالطيورِ إذا رَمَتْ
كانت على طولِ المدى سجّيلا

محمودُ قل لي كم بكيتَ لكي ترى
أني بكيتُ وما تركتُ عويلا

أنا مثلُ ابراهيمَ لكن ليس لي
في النارِ مُعجزةٌ تُجلُّ خليلا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى