هاني الغريب (هاني أبو مصطفى) - أدونيس ماذا، يجري هناك ؟

ضاعت قضاياك أم ضاعت ضحايانا
أم ضاعتِ الصُّحُفُ الأُخرى ومعنانا

وكيف ضاعت وفينا منكَ أسئلةٌ
مُثيرةٌ وإجاباتٌ ستخشانا

نحنُ الذين جمعناها علانيةً
ونحنُ أيضًا تعوّدنا بلايانا

قل لي أدونيسُ ماذا يفعلون بنا
وأين نُنزِلُ مرهونين شكوانا

متى اختلفنا على الأرضِِ التي اغتُصِبَتْ
منّا وما اجتمعت فيها نوايانا

ومرّ تاريخُنا الخدّاعُ مُعتمِدًا
على الرواياتِ حُكّامًا وأعوانا

كانوا يسوقون نسوانًا وغِلمانا
واليومَ يأتون غلمانًا ونُسوانا

يستبدلون الذي أدنى بلا حرجٍ
ويصنعون من اللاشيء تبيانا

مُزوَّرون وملّتنا مواطنُنا
ومُستخفٌّ بنا ظُلمًا وعُدوانا

وبين هذا وهذا نحنُ ليس لنا
ذنبٌ لذلكَ أرْخَصْنَا بقايانا

تراجعت عن قرارِ الحربِ أُمّتُنا
فالحربُ ليس كما كانت سجايانا

ولا المُروءةُ تُجدي بعد أن طُمِسَتْ
بُطونُنا بحكاياتٍ لِتقوانا

جيلٌ سيلعنُ جيلًا لا أشكُّ بها
وهل أشكُّ وقدّمناهُ قُربانا

الأغلبيةُ تمشي في تخبُّطِها
وحيثُ ما نزلت هاجت مطايانا

بلادُنا قبل عامِ الفيلِ تبحثُ عن
حجارةٍ تتبنّاها رزايانا

خيانةٌ مُنذُ ذاك العهدِ باقيةٌ
فيهم الى الآن نلقاها وتلقانا

قُل لي أدونيس هل نيرانُهم خَمَدَتْ
فعلاً لكي نشتري للقومِ نيرانا

وهل إذا نطحوا
العلياءَ في زمنِ الفوضى
وعادوا سيُقتادون ثيرانا

بغوا على بعضِهم في النصِّ كيف ترى
تلك النُّصوصَ التي تختلُّ ميزانا

اليوم يوجدُ طفلٌ في حديقتِنا
لوحدهِ لم يكُن يحتاجُ رؤيانا

دنا من الزهرةِ الثكلى فكلّمها
وكلّمتهُ فلم تكشف خفايانا

تبادلا عسلَ الآمالِ واقتسما
حُزنَ العُروبةِ واستجدا زوايانا

كانا يصيحان كالدرويشِ
في طلبِ الامدادِ
من شيخهِ فاقرأ مرايانا

قل لي أدونيس كم نحتاجُ سُنبلةً
كي نُرجعَ الأرضَ كم نحتاجُ عُنوانا

كم والمقابرُ مازالت مُزخرفةً
كانت لامثالِنا الأجداثُ بُركانا

تاريخُنا بانتهاءٍ في بدايتهِ
وما تبقى لنا إلا مزايانا

وما ذكرتُك مدّاحًا لديّ بها
سهمٌ أصابك يُرمى الحُبُّ أحيانا

مازلتَ معشوقَ عشتارِ الجريحةِ أمْ
تُحيي خطاباتِ إفروديت سكرانا

أسطورةُ الزمنِ الماضي مُلوّثةٌ
وفكرةُ النصرِ لم تُشبِع رعايانا

تلازمتنا الأضاحي تلك تشبهُنا
وقد يحنُّ إلينا مَن تخطّانا

رأى الأميرُ لنا عيبًا فأصلحهُ
بالسيفِ وانتصر العارُ الذي لانا

تكسيرُ أحلامِنا صعبٌ ويقظتُنا
نومٌ وسيرين سهوًا صدرُها بانا

أقرأ سجّلاتِهم لو شئتَ في وطني
هم يكنزون فلا خضرًا وجُدرانا

هناك نوعٌ من النائين أدمُعُهم
تجري لتمتلىءَ القيعان وديانا

إني أُقدّرُ مايجري إذا وجدوا
في أرضِهم حطبًا لاقوك نيرانا

للآن مرآتُهم مكسورةٌ يدُها
ماتت عصافيرُنا بغيًا وهجرانا

في عصرِنا نوح لم يصنع سفينتَهُ
فكيف يخشى العراقيون طُوفانا

قالوا لهُ أنت فنانٌ فقال كما
قُلتم ولكنني ماعُدتُ فنّانا

هنا أُهنتُ وما عندي سوى قلمي
ماذا سيفعلُ للأقدارِ مَن هانا

وحين يُهدمُ في أوطانِهم حُلُمٌ
يبنون في اليقظةِ اللاشيء أوطانا

تمشي السفينةُ والقُبطانُ مُنحسِرٌ
فيها ولم تحترم بحرًا وقُبطانا

إذاً مُسخنا فراغًا في خريطتِهم
وأصبح الماءُ بعد الصفو أطيانا

قل لي أدونيس عن أسرارِ آلهتي
ألم تعُد مثلما كانت سجايانا

في لوحتي نام أوتو كيف أحرقُهم
لأنني لم أكُن للشمسِ ألوانا

ألغازُهم قتلتني إنهم جبُنوا
أن يكتبوا في جداريّاتِهم عانى

وضيّعوا شرفَ التاريخِ ثانيةً
وضاع ماضاع من كُنّا ومِن كانا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى