خالد الشوملي - سَأَرْمي الْحُزْنَ في الْبَحْرِ.. شِعْر

سَأَرْمي الْحُزْنَ في الْبَحْرِ
وَكُلَّ أَسًى تَكَدَّسَ مُنْذُ أَعْوامٍ عَلى صَدْري
وَكُلَّ حِجارَةِ سَقَطَتْ
عَلى كَتِفي سَأُلْقيها
وَأَصْرُخُ في الْمَدى الْعاري
صَريخَ الْفَحْمِ في النّارِ
وَأَنْفُضُ ما تَراكَمَ مِنْ غُبارِ الْأَمْسِ
فَوْقَ الرَّأْسِ وَالظَّهْرِ
وَأَرْجِعُ مَرَّةً أُخْرى إِلى نَبْضي
وَأَسْمَعُهُ
إِلى أَصْلي إِلى نَفْسي
إِلى نَبْعي وَشَلّالي
إِلى كُلّي
إِلى بَعْضي الْمُشَتَّتِ
ثُمَّ أَجْمَعُهُ
أَعودُ مُجَدَّدًا
ـ حَيْثُ ابْتَدَأْتُ ـ لِنُقْطَةِ الصِّفْرِ
...
أُحَلِّقُ في السَّماءِ مَعَ الْغُيومِ وَرِفْقَةِ الطَّيْرِ
وَأَبْدَأُ مِنْ جَديدٍ
ناسِيًا دَمْعي وَآلامي
وَكُلَّ هَزائِمِ الْماضي وَخَيْباتي
لِأَحْفِرَ في الثَّرى نَهْري
فَإِنَّ مَسيرَةَ النَّهْرِ
بِها مَغْزًى لِمَنْ يَسْعى
وَفَلْسَفَةٌ لِمَنْ يَرْنو
بِها بَعْضٌ مِنَ الإِلْهامِ وَالشِّعْرِ
أَرى الشُّهَداءَ كَالْأِشْجارِ
وَالْأَعْلامَ كَالْأَغْصانِ في الأَيْدي
وَأَقْفِزُ لِلْعُلى
أَتَنَفَّسُ الصَّعْداءَ
أَجمَعُ ما تَشَتَّتَ مِنْ رُؤايَ
وَمِنْ غُيومي
مِنْ نُجومٍ كُنْتُ أَحْرُسُها
وَغابَتْ عَنْ سَمائي
أَفْتَحُ الْعَيْنَيْنِ أَمْلَؤُها بِآمالي
وَأَحْلامي
وَأَمْلَأُ جُعْبَتي فَرَحًا وَأَلْوانًا
وَيَكْبُرُ داخِلي قَلْبي
أَرى شَعْبي أَرى دَرْبي
وَطِفْلًا مِنْ أَصابِعِهِ
تَطيرُ إِشارَةُ النَّصْرِ
...
أَشُّقُ الدَّرْبَ في الصَّخْرِ
أَسيرُ ...
أَسيرُ في جَسَدي
حَنينُ الرّوحِ لِلدّارِ
كَشَوْقِ الْقَشِّ لِلنّارِ
أَسيرُ ... أَسيرُ في شَفَتَيْ
حَديثٌ شَيِّقٌ عَبِقٌ
نَسيمُ الْبَحْرِ لِلزَّهْرِ
بِعَزْمٍ لا يَلينُ
وَهِمَّةٍ لا تَسْتَكينُ يَسيرُ بي نَهْري
وَأَصْنَعُ لي ضِفافًا مِنْ أَمانٍ
لا تُعاتِبُني عَلى سَفَري وَتَرْحالي
وَلا تُلْقي عَلَيَّ عَباءَةَ الْأَحْزانِ
إِنْ أَسْرَعْتُ في سَيْري
...
أَرى وَطَني يُحَطِّمُ خَوْفَهُ وَسَلاسِلَ الْأَسْرِ
وَأَلْمَحُهُ بِكُلِّ شُموخِهِ رُغْمَ الْعَذابِ وَشِدَّةِ الْقَهْرِ
أَخِفُّ وَداخِلي وَطَني
أَطيرُ لَهُ وَأَرْفَعُهُ
بِهِ مَعَهُ
وَأَتْبَعُهُ
وَيَجَمَعُنا الْهَوى عَلَنًا
وَفي قَلْبي هُنا وَهُناكَ في السِّرِّ
يُسابِقُني ... أُسابِقُهُ
سَريعًا في تَعَرُّجِهِ
بَديعًا في تَمَوُّجِهِ
بِكُلِّ أَناقَةٍ نَعْدو
لَنا كُلُّ الْفَضاءِ
وَسِحْرُ هذي الْأَرْضِ والدُّنْيا
كَأَنّا مَوْجَتا حُبٍّ
وَلا نَحْتاجُ لِلْغَيْرِ
...
وَأَحْفِرُ في الثَّرى نَهْري
يَغوصُ لِيَكْتُبَ التّاريخَ في التُّرَبِ
وَكُلَّ حَقائِقِ الْبَلَدِ الّتي حُذِفَتْ مِنَ الْكُتُبِ
وَتَغْمُرُني الْوُرودُ بِكُلِّ ما مَلَكَتْ مِنَ الْعِطْرِ
وَتَكْتَمِلُ الضِّفافُ عَلى جَوانِبِهِ
تَفيضُ حُقولُها أَمًلًا
تَجودُ مَحَبَّةً وَتَعُمُّ بِالْخَيْرِ
...
سَأَرْمي الْحُزْنَ في الْبَحْرِ
وَأَمْلَأُ جُعْبَتي فَرَحًا
هُنا وَطَني
وَطِفْلٌ مِنْ أَصابِعِهِ تَطيرُ إِشارَةُ النَّصْرِ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى