ندى الحاج - ما من كلمة..

ارتجيتُ الحياةَ من سلالةِ الأقمارِ المُرتحِلة
ارتجيتُه كاملاً مستديراً ذاكَ الحُبَ العتيق
راسخاً في الجُذوَةِ والنار
ارتجيتُ العمرَ لمحةَ انخطاف
والتوقَ فُتحةَ إسْراء
ارتجيتُه في الظلمةِ حتى الانكشاف
رضيتُ بما غمرَني به من أسرار
سوَّرتُها بمَرْجانٍ وعبيرِ البيْلسان
ارتجيتُ السماءَ مَلاذاً، وما من كلمةٍ أقامتْني سِواها
نعم، سمعتُ العزفَ والسنونواتِ المُنشِدة
نعم، عبرتُ بوادي الظلماتِ وانتُشِلت
نعم، كانت لي حياةٌ، وصارتْ الحياةُ لي
زهِدتُ عن كلِ شيء، وصارَ زُهدي فرَحاً
أُغدِقَ عليَّ، وفتحتُ راحتَيَّ للحب
تمدَّدتِ اللحظةُ، وقفزتُ فوقَها على بساطِ الريح
شربتُ المطرَ حتى فاضتْ كأسي
وها إني أرميها، لتروي الأرضَ بحُبي
يا سماءَ روحي، كوني ليَ الأمَ والأب
سوِّريني بأطفالِ الأنجمِ المذهلة
أَعتقيني من ألَقِ اللحظةِ إلى سَرْمَدِها
وانثري عطري في العيونِ حتى لا تراني
إحفظي هذا الدمعَ المُراق في محارةِ الكون
ومساكبِ ورودِ الجنّات
دمعَ زهرةِ الحياةِ المقطَّرة بأنفاسِ الله.

من كتاب "عابرُ الدهشة" دار المتوسط- أيطاليا




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى