ميشال سعادة - كُنْ مِثلِي وَفِيًّا

[ أَلَيسَ الحُبُّ
خُلاصَةَ الفَلسَفَة ؟ ]


كُلَّمَا جَلَستُ إلى الكِتَابَةِ
‏حَاوَلتُ ...
‏لا زِلتُ أُحَاوِلُ مَأخُوذًا بِ [ التَّرجمةِ ]
‏مَشغُولًا بِهَا ..
شَغُوفًا بِمُصطَلَحِ [ تَرجَمَ ]
‏الذي جِذرُهُ [ رَجَمَ ]
‏يَعتَرِينِي خَوفُ ارتِكابِ جُرمٍ
‏أُقَاتِلُ مِن غَيرِ هَوَادَة
‏كَأَنِّيَ في [ الجَمرِ ] أَغُوصُ
‏رَاجِيًا صَلاحًا
‏لا هَلَكَةَ ولا ضَيَاعَ ...
‏يَخطُرُ بالبَالِ [ جَدِّي ]
‏في حَقلِهِ صِندِيدًا
‏إلى جَانِبهِ يَرتاحُ المِعوَلُ
والمِحرَاثُ والنِّيرُ
وَفَدَّانٌ ‏في استِرَاحةِ مُؤَقَّة ..
[ جَدِّي ]
يَرجِمُ بالحِجَارةِ ناحِيَةً مِنَ الأَرضِ
‏كي يَصِيرَ الحَقلُ صَالِحًا للزِّرَاعَةِ
ثَمَّةَ عَلاقَةٌ بينَ الكَاتِبِ وَالفَلَّاحِ
‏بِينَ الكِتَابَةِ وَالرَّجمِ
‏بينَ كَاتِبٍ يُتَرجِمُ ذَاتَهُ
‏وَبَينَ مَا يَدُورُ وَيَجُولُ حَولَهُ ...
‏... وَيَخطُرُ مارتن هايدغر _

‏[ قُلْ ما مَوقِفُكَ منَ التَّرجَمَةِ
‏ أَقُلْ لكَ مَن تَكُون ... ]
حِينَها قُلتُ في سِرِّي _
‏لِمَ أنا كالَّذِي يُتَرجِمُ
‏وَيُحَوِّلُ مَنظُومَةً أُولى
‏عِمَادُهَا الأَصوَاتُ والحُرُوفُ المُتَتَابِعَة
‏إلى مَنظُومَةٍ ثَانِيَةٍ ذَاتِ أَصوَاتٍ
‏وَحُرُوفٍ مُتَتَالِية ؟
‏وَأَعرِفُ أنَّ الجَامِعَ بَينَهُمَا
‏نِظامَانِ لسَانِيَّانِ مُختَلِفانِ ...
‏عِندَهِا _
‏لا أُخفِي
‏أَنِّي حَريصٌ عَلَى صَونِ الدَّلالَة
‏العَائِدَة للمَنظُومَةِ الأُولَى
‏شَرطَ أن تَتَقَابَلَ المَنظُومَتَانِ
‏فَتُؤَدِيَا مَعنًى وَاحِدًا ..
‏لكِنْ _
‏ثَمَّةَ شَكٌّ أنَّ النَّقلَ والتَّحوِيلَ
‏عَصِيَّانِ عَلَيَّ
‏فَيُسَاوِرُنِي قَلَقٌ يَكادُ يُكَفِّرُ الكِتابَةَ
‏وَيَلعَنُ الأَبجَدِيَّاتِ وَوَاضِعِيهَا
‏خَوفًا مِن حَرِيقٍ دَاخِليٍّ
‏يَلتَهِمُ ما أَملِكُ من مَشَاعِرَ وَأَشوَاق
‏وَثَمَّةَ قَلَقٌ يَصرُخُ _
إلى النَّارِ ، إلى النَّار
‏وَآخَرُ _
إِلى المِيَاهِ ، المِيَاهِ
‏كَي نُطفِئَ حَرِيقًا شَبَّ
‏في غَابَةِ هذا العَالَم ...
هَكَذا يا امرَأة _
‏وَجَدتُنِي بينَ قُوسَينِ
‏أنطُولُوجِيينِ _
‏نِظامٌ أنطولُوجي
‏أنا فِيهِ رَاعِي هَذَا الوُجُودِ
‏وَآخَرُ
لا يُقابِلُ النِّظامَ الأنطولوجيّ الآوَّل
‏وَرَأيتُنِي _
حينَ كَتُبتُكِ تَرجَمتُكِ
‏لَكِنِّي حَاوَلتُ .. وَحَاوَلتُ
‏وَلا زِلتُ عَلَى طَرِيقِ المُحَاوَلَةِ
‏رغمَ سُقُوطِي في النَّقلِ
وَالتَّحوِيلِ

يا امرَأَة _
‏أَعتَرِفُ الآنَ
‏أَنَّ لي بِالمِرصَادِ عَلامَةً / إِشَارَهْ
‏وَفِي حُضنِيَ كَلبِي يُهَمهِمُ _
‏أَنتَ / الإنسانُ
‏تَسكُنُ شِعريًّا هَذِهِ الأرضَ
‏أنا / الحَيَوَانُ
‏أَسكُنُ رَعشِيًّا هَذَا الحُضنَ

‏ [ كُنْ مِثلِي وَفِيًّا ]

ميشال سعادة
‏مساء 11/11/202


حاشية _
‏كُتِبَ هذا النَصُّ بعد قِرَاءَةِ كتَابِ
‏[ هايدغر والفكر العربي ] ‏للكاتبِ الفَيلسُوف مُشير عون
‏ترجمه عن الفرنسية ووضع مقدمتَه ‏إيلي أنيس نجم ...


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى