أسامة إسبر - ليل هذا البياض

كانت الثلوج تُبيّضُ جميع الأمكنة،
وفي الشارع الذي أسيرُ فيه الآن
أشخاصٌ يرشّون الملح على مداخل بيوتهم
أو يُعْملون المجارف في القطع القاسية
كي يفتحو طريقاً،
كان هذا مشهداً مألوفاً كل عام،
مثل وَهْج البياض الذي ترتديه الأشجار
وواجهات البيوت.
كانت السطوح الخشبية
كقمم الجبال المكللة
وعن نافذةٍ أو نافذتين أُزيحت الستائر
من أجل نظرةٍ سريعة
إلى ما أحضره الشتاءُ إلى المدينة،
وغير بعيد من هنا،
تجلدت مياه البحيرات،
أما نهر شيكاغو
الذي ينحدر وسط المدينة
تحت جسور من الإسمنت والحديد
فقد بدا كمقلع جليد
تُبنى المدينة من ألواحه.
قيل إن المشردين انتقلوا
إلى ولايات أكثر دفئاً
حيث ينكشفون أكثر في الضوء
في الشوارع المكتظة
لسان فرانسيسكو ولوس أنجلوس.
لكن هنا، في هذا الشارع، حيث أسير
طبقاتُ الثلج سميكةٌ فوق كلّ شيء
حتى كلمة صباح الخير
تتجمّد في الحنجرة ولا تخرج.
”عليك أن تبني جسراً مع الآخرين هنا“،
قال لي أحدهم مرة في ولاية آيوا،
”ادخل البار، ابتسمْ، ادفعْ بخشيشاً جيداً،
اجعل وجهك مألوفاً“، قال آخر.
كانت يداي ترتجفان فوضعتهما في جيبي
وواصلتُ طريقي بحذر.
غداً، حين يأتي الربيع
ستذوبُ هذه الثلوج
لكن تُرى هل ستذوبُ عن كلمة صباح الخير
عن النظرة المتجمدة،
واللغة التي تطرد الغرباء؟
العالم يزدادُ انغلاقاً
والبشرُ أكثر ميلاً للعيش في شرانق
ولم يكن هذا غريباً على شواطئهم
وفي مدنهم الكبرى،
ولم أتفاجأ،
كنت مشغولاً أكثر بالانتباه لقدميَّ
لا أريد أن أتزحلق
وأهوي في ليل هذا البياض.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى