قصة ايروتيكة إلياس توفيق حميصي - في حَضْرَةِ الشَّيطانِ - الجزء الأول.

أنا في حَضْرَةِ الشَّيطانِ. دخَلْتُ مُنْذُ قليلِ إلى صالةِ قَصْرِهِ، وَقَبْلَ أَنْ يَدْعُوَنِي إِلَى كَأْسٍ، رَسَمْتُ إِشارةَ الصَّليبِ؛ فَابْتَسَمَ، صَفَّقَ، ثُمَّ ضَحِكَ مِلءَ شِدْقَيْهِ، وقالَ لِي: أَحْسَنْتَ، تَفَضَّلْ.!.
جاءَتْ أُنْثَى طَيِّبَةُ الكُرُومِ، تَمِيْسُ في حَريرِها الأبيضِ المُدَخَّنِ، يَشِفُّ عَنْ جَسَدٍ عارٍ تماماً، يَلُفُّ خَصْرَها شريطٌ عَقَدَتْهُ بِرَبْطَةٍ واحدةٍ، وينكَشِفُ عنْ قُبَّتَي نَهْدَيْنِ أُسطورِيَّيْنِ، في حِلْمَتَيْهِما الوَرْدِيَّتَيْنِ قِرْطَاْنِ ماسِيَّانِ.!. حَيَّتْنِي بِابْتِسامَةٍ رقيقةٍ؛ ونَظَرَتْ إليهِ، أشارَ لَها نَحْوِي بِسَبَّابَتِهِ، فَاقتَرَبَتْ مِنِّي، وَمَسَحَتْ شَعْرِيَ بِكَفِّهَا؛ وَقَفْتُ مَشْدُوهاً حائِراً مُنْجَذِباً إِلى عِطْرٍ ساحِرٍ يضُوعُ مِنْهَا، لَثَمَتْنِي بِرِفْقٍ بِرَحِيْقِ شَفَتَيْهَا؛ فَاشْتَعَلْتُ. نَزَعَتْ قميصِي وبِنْطالي وحِذائِي وجَوْرَبَيِّ بِيدَيْها، أَخَذَتْنِي مِنْ يَدِي، وقادَتْنِي عَلَى مَهْلٍ إِلى حَوْضِ ماءٍ، يتلألأُ في قَعْرِهِ ضَوْءٌ أَصْفَرُ، نَزَلَتْ قبلِي، ومَدَّتْ يَدَهَا؛ فَنَزَلْتُ، عَمَّدَتْنِي، حَدَّقَتْ في عَيْنَيَّ، لَمْ أَرَ في حَيَاتِي عَيْنَيْنِ بِهَذَا الجَمَال، سوداوَيْنِ بارقَتَيْنِ؛ نَزَلَتْ في حَوْضِ الماءِ، غَمَرَهَا حتَّى نِصْفِها؛ فَالْتَصَقَ جَسَدُهَا بِالحَريرِ، اِلْتَفَتُّ إِليهِ، كانَ يُراقِبُنَا مِنْ بُعْدٍ، يُدَخِّنُ سيجاراً فاخِراً؛ ويَلْبَسُ رِداءَهُ الأُرْجُوانِيَّ، مُنْتَعِلاً حِذَاءً لامِعاً، وفي خُنْصُرِهِ الأَيْمَنِ خاتَمٌ بِحَجَرَةِ ماسٍ مُتُوَهِّجَةٍ؛ أشارَ لِي : هَيَّا ...! اِسْتَدَرْتُ نَحْوَ المرأةِ الخارِجَةِ مِنْ رَحْمِ الآَلِهَةِ "أَفْرُودَيْت"، أَخَذَتْ تَرُشُّنِي بِالماءِ، ثُمَّ نَهَضَتْ لِتَغْسِلَنِي مِنْ شَعْرِي إِلى أَسْفَلِ قَدَمَيَّ؛ وأنَا أَقِفُ كَالمُغَفَّلِ، لا أَلْوِي على شَيْءٍ، يَدَايَ مُسْبَلَتانِ، رُكْبَتَايَ تَرْتَعِشَانِ، وَقَشْعَرِيرَةٌ بارِدَةٌ دَبَّتْ في مَسَاِّم جِلْدِي، وَاخْتَرَقَتْنِي حَتَّى العَظْمِ؛ لَمْ تَنْطُقْ بِكَلِمَةٍ واحدةٍ، كانَتْ تَتَحَدَّثُ بِعَيْنَيْهَا، وبِإِيماءَاتٍ صَامِتَةٍ مِنْ أصابِعِهَا، أَوْ كَفَّيْهَا؛ أشارَتْ إِلَيَّ أَنْ أَنْزِلَ في الماءِ، فَفَعَلْتُ. وَضَعَتْ كَفَّهَا اليُسْرَى خَلْفَ رَأْسِي، والأُخْرَى تَحْتَ أَسْفَلِ ظَهْرِي؛ ثُمَّ بَدَأَتْ تُداعِبُنِي بِأطَرافِ أَصابِعِهَا، مِنَ القَدَمَيْنِ، صُعُوداً إِلى الصَّدْرِ، خَلْفَ أُذُنَيَّ، عِنْدَ قَوْسَيِّ الحَاجِبَيْنِ، على الجَبِيْنِ، وعلى خَطِّ الأَنْفِ النَّازِلِ إلى الشَّفَتَيْنِ؛ كانَ الماءُ دافِئاً يتصاعَدُ مِنْهُ بُخارُ كَسُولٌ يتماوجُ، ثُمَّ يبتعدُ عالياً، كانَتِ السَّتائِرُ الَّتي حَوْلَنَا زرقاءَ مُخْضَرَّةً لازَوَرْدِيَّةً، ولَوْنُ طَرَفِ الحَوْضِ العَاجِيِّ يعكُسُ ألوانَ الَّلازَوَرْدِ، وأَضْواءَ خافِتَةً مَخْفِيَّةً، تأتي مِنْ طَرَفِ السَّقْفِ؛ تَأَمَّلْتُ ذلكَ كُلَّهُ في ثَوَانٍ، وقُلْتُ في نَفْسِي : "أَيْنَ أَنَـــا .؟ ما الَّذي أَتَى بِيَ إِلى هُنُا.؟." قَرَأَتْ ما يَدُورُ في ذِهْنِي؛ أَمْسَكَتْنِي مِنْ طَرَفِ شَعِرْي، أَدَارَتْنِي بِاتِّجاهِهَا، صارَتْ مُقابِلِي، أطوفُ على وِسادَةِ الماءِ الَّذي أَخَذَ يزدادُ دِفْئاً، وهُوَ يُهَدْهِدُنِي كَسَرِيرٍ خَرَافِيٍّ؛ مَدَّتْ كَفَّهَا إلى المارِدِ الَّذي انْتَصَبَ بِكُلِّ بَهَائِهِ مُنْفَرِداً بِالعَزْفِ على قيثارةِ الماءِ كَوَتَرٍ وحيدٍ.!.
لَمْ تَبْخَلْ عليهِ بِتَمْرِيرِ أظافِرِهَا المَنْشُوبَةِ المَطْلِيةَِّ بِالَّلوْنِ الزَّهْرِيِّ ، وَبِرُؤُوسِ الأصابعِ راسِمَةً دوائِرَ، وخُطُوطاً هَندَسِيَّةً رائِعَةً عليهِ؛ أبراجاً ومُرَبَّعاتٍ ومُثَلَّثاتٍ؛ زَرَعَتْ عليهِ باقاتٍ مِنَ القُبَلِ الرَّقيقةِ، والعَضَّاتِ النَّاعِمَةِ بِحافَّةِ أسنانِها، فَازْدَادَ انْتِعاشاً وَاسْتِقامَةً؛ كادَ ينفجرُ.
تَمَّ ذلكَ كُلُّهُ على مَرْأَىً مِنْهُ، كانَ يِحتسي بين الحين والآخر شُرْبَةً مِنْ كَأْسِ الويسكي الأزرقِ، وينفُثُ دُخانَ سِيجارِهِ مُنْتَشِياً، وهُوَ يَتَفَرَّجُ علينا، مُمَدِّداً قَامَتَهُ على كُرَسِيٍّ طويلٍ، أَمَّا المُوسيقا الَّتي اخْتارَهَا لَنَا، فكانَتْ لِـ" ريتشارْد كْلايْدِرْمَانْ"؛ مُوسيقا عَذْبةٌ ناعمةُ تَتَهادَى في تَواصُلِهَا مَعَ الأُذُنِ، حَتَّى لَتَخَالَ نَفْسَكِ تُحَلِّقُ في فَضَاءِ الْكَوْنِ الرَّحيبِ. اِسْتَلَّتْ أظافِرَهَا، شَرَعَتْ تَعْزِفُ على بَطْنِي، وتَعْبَثُ بِشَعْرِ صَدْرِي، كُنْتُ مُسْتَسْلِماً لَهَا كَمَحْكُومٍ بِالإِعدامِ عِشْقاً وَاشْتِهاءً حَتَّى الموتِ ...! شَعَرْتُ بِرَغْبَةٍ جامِحَةٍ في سَماعِ صَوْتِهَا؛ نَظَرْتُ في عَيْنَيْهَا، فَأَشَارَتْ لِي فَوْراً بِسَبَّابَتِها كعمودٍ فَوقَ شَفَتَيْها: "أُصْمُتْ ...!". أَخَذْتُ نَفَساً عميقاً، وَأَرْجَعْتُ رَأْسِيَ إِلى الخَلْفِ لِيرتاحَ مِنْ جديدٍ على وِسادَةِ الماءِ الَّذي صارَ حَارَّاً، حَارَّاً أكثرَ مِنْ قَبْلُ؛ لَمْ أَعْدْ قادِراً على تمييزِ دَرَجَة حرارَتِهِ، فقَدْ كانَ البُركانُ في داخِلِي عَصِيَّاً على كُلِّ المَقاييسِ الحراريَّةِ الَّتي اختَرَعَهَا الإِنسانُ.!.



عن موقع ألف
  • Like
التفاعلات: 2 أشخاص

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى