ميشال سعادة - كَأَنِّي زَمَانْ.. شعر

كُلَّمَا دَنَا العِيدُ
يُلِحُّ سُؤَالْ ..
يا امرَأَة !
كأَنِّي زَمَانْ
ذَاكَ الفَتَى يَحِنُّ إِليكِ
إِلى مَلاعِبِ طُفَولَةِ الحَشيش
إلى خُصُلاتِ شَعرٍ يُدَاعِبُها نَسِيمٌ
طَلَّةَ كُلِّ صَبَاحْ
يُوَشوِشُ العُشبَ كَلَامًا مُبَاحْ ..
صَدِّقِينِي
يا عُشبَةَ الوَقتِ !
ما أَطيَبَ الحُبَّ
ما أَوجَعَ الحَنِينَ !
أخَذَتنِي الذِّكرى
عَلَى جَنَاحِ اليَقظَهْ
لَستُ أَدرِي كَيفَ سَهِرتُ
تَلكَ اللَّيلةَ حَتَّى الصَّباحِ
بَعدَ الذِي كانْ
رَأَيتُنِي أكتُبُ سُطُورًا مُتَعَرِّجةً
مُستَقيمَةً
كيفَ انشَطَرتُ
شَطرَينِ –
أَنتِ .. أَنا
جَمَعَتنَا الذِّكرَياتُ البَعِيدَةُ
القَرِيبَهْ
فِي بَيتِ كُلِّ قَصِيدَهْ !
نِمتُ؟
لَا .. لَا
حُبِّي لا يَنَامْ
مِن أَربَعِينَ عَامْ
يَحتَرِفُ التَّطوَافَ حَولَ بَيتٍ
سَكرَانَ مِن عَبقِ البَخُورِ
مِن رَائِحةِ أُمٍّ
عُيُونُها قُبلَةُ الصَّلاةْ
لـِ مَريَمَ تُلَبِّي الدُّعَاءْ
أُمٌّ قَلبُها عَلَيكِ
عَلَى إخوَةٍ يُوَاكِبُونَ الحَيَاةْ
تَنسُجُ حِبرَ الكَلِمَاتِ
قُمصَانَ صُوفٍ
تَقِي بَردَ الشِّتَاءْ ..
يَومَهَا –
بَحَثتُ عَنكِ فِي الظَنًّ الطَيِّبِ
فِي خَيَالٍ أَخضَرَ
فِي مَطَبَّاتِ الفَضَاءْ
عَلَّنِي أَجِدُ مَا يَدُلُّ عَلَيكِ
صَدِّقِينِي –
كُنتُ أرَاك نَهرًا مِنَ الصُّوَرِ
تَقِيسِينَ المَسَافَاتِ بَينَكِ وَبَينِي
ها إِنَّا اليَومَ نَعِيشُ
تَتَّسِعُ .. تَضِيقُ المَسَافَاتْ !
يا امرَأة !
نَوَافِذُ أَفكَارِي مُشَرَّعَةٌ
تُضِيءُ مَرَايا خُطَاكِ
دُرُوبَ خُطَانَا
كَيفَ يَكُونُ الخَطوُ فِي الحُبِّ
جِرَاحَ أَحلَامٍ
وَفِي يَدِي حَدَائِقَ زَهرٍ
فِي مَشَاعِ الجُفُونْ ؟
كَيفَ يَكُونُ وَقعُ الخُطَى
سُطُورًا كَتَبنَاها
تَعصَى على أَنفَاسِ عَاشِقِيهَا ؟
كَيفَ نَمشِي حِينًا
وَحِينًا تَقِفُ آثَارُ أَقدَامِنَا
فِي مَجَامِرِ الرِّمَال ؟
سَيِّدَتِي
أَفِيءُ إِلَيكِ فِي ظِلِّ ضَوءٍ
أنا الذي _
أُحِبُّ الظَّلَالَ ثِيَابًا للنَّهارْ
أَهوَى دُرُوبًا مَشَينَاهَا
أورَفَتْ تِلكَ الدُّرُوبُ
في غُربَةِ الفُصُولْ ..
كُلَّ حِينٍ
كلَّ آنْ
يَحمِلُنِي خَيَالِي وَشَوقِي
إِلى سَرِيرٍ بَاتَ فِكرَهْ
إِلى جِدَارٍ حَبَسَ تَأَوُّهَاتِنَا
إِلى ضَوءٍ ضَوَّأَتهُ أَنفَاسُنَا
إِلى صَهِيلِ شَهوَةٍ
لا زَالَتْ لَهَبْ
إِلى ذِكرَى تَتَّكِئُ
عَلَى بَابِ الوَعدِ
فِي غُرفَةٍ عَلَى انتِظَارٍ
يَفتَرِشُهَا حُبَابٌ
بَاتَ عَلَى غِيَابِنَا نِثَارًا وَحَبَبْ ...
أَتَخَيَّلُ .. وَأَتَخَيَّلُ
لَكِنْ –
لَيسَتْ تُقَالُ فِكَرٌ
أَسكَنتُها طَيَّ الخَيَالِ
مَا يُقَالُ _
إنِّي الآنَ أَتَلَمَّسُ فِرَاشَكِ
وِسَادةً مَرمِيَّهْ
أُغمِضُ عَينَيَّ
أُلَمْلِمُ مَنَادِيلَكِ
أَشيَاءَكِ الصَّغِيرَهْ
تَشكُو هُمُومَها إليَّ
دُمُوعُها تَسقِي عَطَشِي
تُحيِي شُرُودَ هَذِي الأبجَدِيَّهْ
وإنْ تَشَاغَلْتُ عنها
لِحِينٍ بِكِ
تَنزِفُ جِرَاحُها بَوحَ الجِرَاحْ
كَيفَ يَكُونُ الدَّمعُ بَلسَمًا
لِجُرُوحِ الأَقَاحْ ؟
سَيِّدتِي !
إِنْ كان حُبُّكِ إِلَهًا
عَبَدتُ ذَاكَ الإلَهْ
إِنْ كانَ شَيطَانًا شَقِيَّا
ما كَفَرتُ بِهِ أَبَدًا
سَجَدتُ احتِفَاءً بِهِ
أَسأَلُ _
ما قِيمَةُ حُبٍّ لا يُوَسْوِسُ
في رِحَابِهِ
عِفرِيتٌ بحَجمِ الإلهْ ؟
ها إنِّي
أَعُودُ
إلى
أشيَائِكِ الصَّغِيرَهْ
تَستَدعِي وُقُوفًا أَمِينَا
كَيفَ تَنَامِينَ
وَتَصحُو الوِسَادَهْ ؟
مَاذَا يَحِلُّ بأفكَارِكِ والهَوَاجِسِ
وَضَوءُ الغُرفَةِ شَحِيحٌ يَسهَرُ
على ضَوءِ الجَسَدِ المُنِيرْ
فِيمَا الأَنفَاسُ عَالقةٌ
عَلَى وَجهِ الجِدَارْ ؟
كَيفَ بَدرٌ يَسهَرُ
لا يَنَامْ
وَأَنتِ .. أَنتِ ..
فِي نَومٍ عَمِيقْ ؟
وَلمَ تَتَجاهلينَ مَلاكًا يَحرِسُكِ
يَكتُبُ أشوَاقَهُ فِي هَدأةِ اللَّيلِ
عَلَى دَفَاتِرِ الأيَّامْ ؟
أَجمَلُ مَا عِندَكِ بَسمَةٌ
تَسبَحُ فِي أَموَاجِ شَفَتَيكِ !
وَفِي لُغَةِ العُيُونِ
حُبٌّ يَجِيءُ مِنكِ إِلَيَّ
إِلَيكِ إِليَّ..
أَجمَلُ مَا فِيَّ حُبٌّ
لاَ يَأْخُذُهُ إِلَّا أَنتِ
كَلِمَاتٌ في كِتَابٍ قَارِئُهَا
أَنتِ .. أنتِ
وَسَعَادَةٌ لاَ تَعرِفُ وَهمًا !
مَا زِلتُ أَجهَلُ مَاذَا أُسَمِّيكِ ؟
حَقًّا أَنتِ امرَأَةٌ
تَختَصِرُ غَابَةَ نِسَاءْ
أَعمَقُ مَا عِندِكِ ضَوءٌ
يَكشِفُ ضَوءَكِ !
لَطَالَمَا تَسَاءَلتُ –
هَل فِي الأَرضِ حُبٌّ
يُضاهي حُبَّنَا ؟
كِيفَ حَمَلنَاهُ رَدحًا مِنَ الزَّمنِ ؟
أسألُ المَاضِي
أُنَاجِي الغِيَابَ
كيفَ كانَتْ أَحوَالُهُ ؟
هَل فِي تَجَاعِيدِ السَّفَرِ
عَانَى تَعَبًا وَمَشَقَّاتْ ؟
مَنْ سَقَاهُ فِي الصَّحرَاءِ
كأسَ مَاءٍ بَارِدٍ ؟
كَيفَ اتَّقَى بَردًا وَنَارًا
عَوَاصِفَ وَشَقَاءْ ؟
مَنْ قَدَّمَ لَهُ رَغِيفَ خُبزٍ أَسمَرَ ؟
كَيفَ قَطَعَ كُلَّ هَذِي المَسَافَاتْ
وَلا زِلنِا فِي الصَّفحَةِ الأُولَى ؟
كُنتِ تَسَافِرِينَ
تَعُودِينَ .. تُسَافِرِينَ
كَيفَ تَوَزَّعَ الحُبُّ
فِي حَقَائِبِ أَشيَائِكِ الصَّغِيرَهْ
وَفِي خَزَائِنِ شِعرِي؟
كَيفَ جَمَّعَ بَعضَهُ ذَاتَ يَومٍ
عِندَ الفَجرِ _
وَاحتَسَى مَعَنَا
فِنجَانَ قَهوَةٍ مُرَّهْ
كَيفَ .. كَيفَ ..
وَلمَاذَا ؟
هَذَا الشِّعرُ كَالحُبِّ أسئِلَةٌ
وَلَا جَوَابْ ...

ميشال سعادة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى