الدكتورة نوران فؤاد - "نهر الموت" مجموعة قصصية ترحالات من عبق التراث علي وتر القصة القصيرة.. دراسة نقدية في أدب الكاتب أحمد عبدالله إسماعيل القصصي

أشد ما يلفت انتباه القارئ قبل الناقد ،وتحديدًا في المجموعات القصصية هو قصدية عنونتها، والرمزية في انتقاء تلك العنونة، ومايحمله ذلك من بعد فلسفي .. قصصي... لغوي.. .
ودون الولوج لزحمة التفاصيل ، لدى القاص أحمد عبدالله إسماعيل قراءات فلسفية ولغوية زخمة، فنهر الموت تحديدًا ملتحم بالكثير من الأساطير والتاريخ السابق، ويتصل بديانات أرضية آسيوية كالشامانية، والكونفشيوسية، الهندوسية ولاحقًا البوذية، ومن هنا نجد التأصيل في الفكرة القصصية ثم ربطها بالآني والحالي علي طريقة التطويع القصصي المؤدلج لقيم ريفية توحد فيها القاص وأبطال قصصه . ..
الحكي الوظيفة الأدبية لكاتب القصة ، أما الناقد فيهتم كثيرًا بالرمزية، ومرادفات الحياة اليومية القروية، أو أسلوب حياة الناس هناك كما أطلق عليه هابرماس way of life/ فأنت في القصص علي تواردها وتواليها تجد..(الهدهد..أبو فصادة...الهدوء السادن...الليالي العذبة..)الخ
مفردات السفر ...والغربة...والاغتراب... Alliance!
وفي ذات الوقت يثير العمل القصصي البارع لأحمد عبدالله إسماعيل أسئلة جمة في عقولنا حول ذلك التغير القيمي المنفلت بغير إرادة لنا، الظالم لكل القيم الجمالية القروية التي نشأ عليها قاصينا وأدنانا، بداية من (الدرويش)..المفعمة بالتراث، والمحيا، والممات، مفردات الضريح، الحضرة، يغيبك القاص في تميز في محاكاة أزلية لما كان، وتحس في "ثرثرة في القهوة"، أنك خارج لتوك من كتاب التاريخ الريفي العالمي وليس المصري فقط؛ فتدلف من قهوة إسماعيل إلى ميرامار، شباب امراة رائعة أمين يوسف غراب، والرجل الذي فقد ظله وأسماء وأشياء تيمات صعب بأن تنسي، وينقلك إلى عنصر من أهم عناصر البناء القصصي، ألا وهو المفارقة؛ في معزوفته "حب في الهواء"، وياله من عنوان جاذب، رفقاء الطائرة، والأحاديث والأهازيج، وتلك المراة سليطة اللسان مفسدة طعم الرحلة ومتعة السفرة، ثم ينقلنا الروائي القاص والشاعر الروائي، والقاص الروائي أحمد عبد الله إسماعيل من وهج الحكي وعبق التراث الريفي المتداعي، والعنونة الجاذبة في معزوفاته القصصية، ومفارقات قصصية محبوكة، إلي الأجدى والأخطر في حكيه القصصي؛ فكرة الثنائيات الحياتية، لنجد ثنائية الموت والحياة في قصته "السكر المر".. غاية في روعة التعبير لأحد أمراض العصر يسمونه علميًّا وطبيًّا المرض الصديق، بينما في حقيقته الصديق العدو مرض السكر بكل حذافيره ومناوشاته مع البطل لتظنه رجلًا يقف بسلاحه مهاجما كل من يتصدي، حدس وقوة توظيف لمعاني القصة علميا وأدبيًّا وإنسانيًّا، يسلمك للمختصر المفيد في قصة "الدوامة"، حتي مفردات التنوع البيئي لم يتركها فتنتقل من الريفي إلى البحري ومفردات البحر في معزوفته القصصية "إحتضار المشاعر" مثل القصور.. الملوك ..السلاطين ..عرائس البحر..
مفهوم البطولة بمناحيه سلبا وإيجابًا في قصة "حلاوة الروح"...
بل إن المجموعة القصصية (نهر الموت) تتمركز في كثير من قصصها وسردياتها حول الهجرة غير الشرعية، وما كتب عن عمال التراحيل وتحديدًا الإدريسيات (الحلال/الحرام)...وإن شابت القصص بعض الازدحام التفاصيلي الراجع لإجادة الكاتب أحمد عبدالله إسماعيل للفن الروائي إضافة للحكي القصصي..
ثم يصل بك القاص وفي إدارة ومهارة لا تباري إلى مربط الفرس كما يقولون فيما نعيشه اليوم من نمطية، كوكلة، عولمة، تناقلية للقيم والفعل ومحاكاة المغترب عنا من خلال صدق حكيه في قصة "طلب صداقة".. في أصدق تعبير عن التأثير والتأثر في منوالنا اليومي بفعل وسائط وسائل التواصل الاجتماعي Social Media..
وآخرًا وليس أخيرًا لامتداد أعمال الكاتب أحمد عبدالله إسماعيل، قدمت بفكرك وهضمك لتراثك الإنساني عملًا قصصيًّا محبوكًا بعناصر القص؛ العنونة الجاذبة، الفلسفة الحاضرة في جميع القصص، الخبرة اللغوية لوجدان شاعر بالأصالة، في رصانة لغنك القصصية، التواز الواضح مع التراث القصصي المصري والعربي بل والعالمي /تشيكوف أنموذجا/في قصص ...الدرويش...نهر الموت...عطر القرية... القدرة علي إثارة التساؤلات الإنسانية في مجموعتك للعوام قبل المتخصصين، والقارئ قبل الناقد، بحدس وذكاء، ومهارة، وبتكنيك سردي سريع دؤوب في انتقاء الموضوعات وترتيبها ترتيبا قصصيا نغبطك عليه.
العمل اقرب للمتواليات القصصية بخيوط حريرية واحدة منه لكلمة مجموعات قصصية....
القصص منتقاة بعناية وتكثيف ورصانة لغة وكلها منتوجات الحكي القصصي جيد الحبكة...
استمعنا وأنصتنا لجرس الحكايات فنحن في عصر ثقافة الصوت الصورة ؛وهو جلي علي تراتيبية القصص ووثابة أحداثها..
كل التوفيق للقاص البارع أحمد عبدالله إسماعيل، وبانتظار إبداعاتكم الوارفة القادمة..

د. نوران فؤاد كاتبة وناقدة أدبية مصرية



1649379079833.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى